عرض مشاركة واحدة
قديم 24/07/2007, 01:45 AM   #6
رئيس مجلس الإدارة والمدير العام وداعم مادي لمسابقات رمضان


الصورة الرمزية مشهور
مشهور âيه ôîًَىà

 عضويتي » 245
 تسجيلي » Feb 2005
 آخر حضور » 28/02/2014 (09:03 AM)
مشآركاتي » 6,236
 نقآطي » 10000
دولتي » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 
 Awards Showcase »
افتراضي اول حب **فوزية سلامه



أول حب

حين اشتاق لأبي افتح خزانة احتفظ فيها بحقيبة مغلقة تحتوي على رسائل كتبها لي على مدى سنوات اغترابي والى ان فارق الحياة. والصدفة وحدها هي التي قادتني اليوم الى البحث في علاقة الآباء بالبنات وتأثير تلك العلاقة على حياة الطرفين. على الانترنت وجدت حصادا هائلا من الكتب والدراسات والصور التي تتناول هذه العلاقة بالتحديد. وعدت بذاكرتي الى الوراء الى بطل سباحة مصري اسمه عبد الباقي حسنين وكيف ان ابنته سهير عبد الباقي اصبحت هي الاخرى بطلة في سباحة المسافات. في طفولتي تصورت ان سهير لم تصبح بطلة الا لأن والدها البطل علمها السباحة واخذ بيدها الى ان بلغت اعلى درجات التفوق. وبعد اشتغالي بالصحافة بهرتني العلاقة التي ربطت بين الزعيم الهندي جواهر لال نهرو وابنته انديرا التي اصبحت هي الاخرى شخصية لامعة على مسرح السياسة الدولية والعلاقة بين ذو الفقار على بوتو وابنته بي نظير. والنماذج كثيرة لآباء ربطتهم ببناتهم صلات حميمة اختزنتها ذاكرة التاريخ. ولا من مسلم لم تصل اليه اخبار تلك العلاقة المفعمة بالعطف والمودة والحب التي ربطت بين السيدة فاطمة ونبينا محمد صلي الله عليه وسلم.

أحدث الدراسات تؤكد بأن الاب القوي الذي تربطه بابنته علاقة سوية يدفع الى الدنيا ابنة قوية. وبالمنطق نفسه يمكن ان نفترض ان الخصال الانسانية الاخرى تنتقل من الوالد الى الابنة بحكم التفاعل النفسي بينهما وبحكم الصفات الوراثية ايضا. شخصية الوالد في تعامله مع ابنته تؤثر على تكوينها بقوة تفوق قوة اية علاقة اخرى حتى مع الام.

فهي العلاقة التي تشكل قدراتها العاطفية والثقة بالآخرين وقدرتها على البذل والعطاء. والغريب ان الدراسات النفسية اكدت ايضا ان الاب يلعب دورا مهما في حالات الشفاء من امراض كالانوركسيا (فقدان الشهية) والبوليميا ( الاسراف في الطعام والتخلص منه بالقيء). وليس معني هذا ان الام لا تترك اثرا عند ابنتها. فالعكس صحيح ولكن تأثير الاب هو الاقوى في مساحات تختص بالثقة الذاتية من انعدامها وفي مجال العلاقة بين الجنسين ومن زاوية رؤية الفرد لنفسه.

أقوى صلة في الحياة هي الصلة الحميمة التي تربط كلاً منا بالابوين في بداية الحياة. ومعنى ذلك ان ابجديات تلك الصلة تتكون في الطفولة الاولى وتترسب في العقل الباطن وتختزن. ولذلك لا يدهشنا ان البحث عن شريك الحياة ينطلق من تلك النقطة. المرأة لا تتخذ قرارا واعيا بألا تحب او تتزوج إلا من شخص يذكرها بأبيها، ولكن اختيارها بدون ان تعي يتأثر بما اختزنته عن تلك الصلة الحميمة الأولى معه. لو كان الاب عطوفا تجد نفسها بلاوعي تعجب بالرجل ذي القلب العطوف. وعلى عكس ذلك، لو ان ذكرياتها عن علاقتها به تحرك لديها احساسا بالجرح والالم سيكون اختيارها لشريك الحياة تكرارا لا اراديا لما جربته وهي في كنف الاب. توقعاتها من الزوج ترتد الى ذكرياتها عن نسيج العلاقة بين ابويها.

ويقول الباحثون إن هذه العلاقة قد يشوبها التوتر حين تكبر الابنة وتسعى الى استقلالية القرار. فالاب يحمل الى العلاقة، بدافع الحب لا نقيضه، طموحات مؤجلة وامنيات لم تتحقق. فهناك اب يدفع ابنته بقوة قد لا تتناسب مع ميولها او قدراتها الى الحصول على اعلى الدرجات العلمية. والتعمق في الحالة يثبت لدارسها ان هذا الاب تمنى في شبابه ان يحصل على الدرجة العلمية التي يتمناها لابنته ولم تساعده الظروف. وهنا ينصح العلم هذه الابنة بفهم دوافع الاب وعدم الصدام معه ما استطاعت والتعاطف مع ضعفه الانساني من الرحمة لا من القهر.

لو عاد الزمن الى الوراء ومنحت الفرصة من جديد لما فوت يوما لم اقل فيه لأبي: كم احبك وكم ادين لك بكل ما اصبحت.


 
 توقيع : مشهور



رد مع اقتباس