عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 30/06/2014, 09:04 PM
المؤسس والمشـــرف العــــام
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه
 عضويتي » 2
 تسجيلي » Aug 2004
 آخر حضور » 14/04/2024 (10:30 PM)
مشآركاتي » 64,139
 نقآطي » 16605
 معدل التقييم » صقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond repute
دولتي » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 
 MMS ~
MMS ~
افتراضي رسوم والنقوش الصخرية لعصور ما قبل التاريخ في منطقة الباحة ودلالاتها التاريخية والحضارية



رسوم والنقوش الصخرية لعصور ما قبل التاريخ في منطقة الباحة ودلالاتها التاريخية والحضارية

خلال الحقب التاريخية الطويلة تعاقب على الجزيرة العربية أحداث جولوجية عنيفة وأحوال مناخية عظيمة، تصادمت بقارات وانفصلت عن أخرى، ثارت فيها البراكين، وتدفقت منها الصهارات الملتهبة، غمرت البحار بعض أجزائها وانحسرت عن أخرى، تحركت إلى القطب الجنوبي فغطى الجليد معظم أراضيها لملايين السنين، وزحفت شمالا إلى خط الاستواء فنعمت بالدفء والرطوبة، وانهمرت فيها الأمطار، وجرت الأنهار، وتخللتها البحيرات، اكتست بالغابات الكثيفة والمروج الخضراء، ورتعت فيها الحيوانات الضخمة، كما تعاقب عليها عصور أخرى من الجدب والجفاف . ومع بداية الزمن الجيولوجي الرابع تحديدًا، أي من نحو مليوني سنة مضت أخذت الجزيرة العربية شكلها وموقعها الحالي. وكان من أبرز أحداث هذا الزمن تعرض نصف الكرة الشمالي لزحف جليدي أمتد جنوبًا حتى دائرة عرض 40 ْ، واستمر ذلك الجليد في مد وجزر خلال هذه الحقبة الزمنية فيما يعرف بدورة وُرم ( wurm ) الجليدية التي تتكرر مرة كل ( 12000 ) سنة تقريبًا . وفي العصر الحجري الأعلى والمتأخر ( أي في الزمن 35000 – 6000 ق . م ) كان الجليد يغطي أوربا كافة، وحوض البحر الأبيض المتوسط، وكانت مصر وبلاد الشام وما حاذاهما من المناطق شديدة البرودة، وخالية في معظمها من السكان، على حين كان جنوب الجزيرة العربية وجنوبها الغربي ينعم بمناخ رطب دافئ ، تغزر فيه الأمطار، وتكثر فيه البحيرات والأنهار، وكان هنالك غطاء نباتي كثيف، وكانت الثمار البرية والقمح والشعير جميعها تنبت بشكل طبيعي دون أن تزرع، وكانت الحيوانات تسرح في جبال هذه المنطقة وسهولها بأعداد كبيرة وأنواع مختلفة، نتيجة الغطاء النباتي الكثيف، والأحوال المناخية المناسبة . ويوكد علماء الأرض والمناخ أن الجزيرة العربية توشك أن تعود مروجًا وأنهارًا، كما كانت في الدورات الجليدية الماضية، وذلك لاقتراب عصر جليدي جديد، حيث بدأت الثلوج والعواصف الثلجية تزحف من المناطق القطبية الشمالية نحو الجنوب . ولولا الاحتباس الحراري بسبب الأنشطة البشرية ، لرأينا جزيرة العرب في هذه الأيام مروجًا وأنهارًا .
بدأ العصر الحجري القديم مع ظهور الإنسان على سطح هذه الأرض، واستمر حتى مئة ألف سنة قبل الميلاد. وكان الإنسان في هذا العصر يعيش متنقلاً من مكان لآخر؛ يبحث عن الصيد، ويجمع الثمار البرية. ويصنع أدواته من العظام والحجارة . وفي هذا العصر عرف الإنسان كيف يشعل النار، ويطهو طعامه . وأما العصر الحجري الحديث، فقد بدأ منذ مئة ألف سنة قبل الميلاد، واستمر إلى نحو 6000 - 4000 سنة قبل الميلاد، أيضًا، وفي أواخر هذا العصر استقر الإنسان، وبدأ يستأنس الحيوان، ويعمل في الزراعة .

واستنادا إلى التنقيبات والمواقع الأثرية التي تم كشفها في أماكن من منطقة الباحة وعسير وجبال اليمن فقد تم العثور على مواقع أثرية كانت مسرحًا لنشاط الإنسان في هذه المنطقة قبل أكثر من مليون سنة مضت، عندما كان الإنسان يمارس الصيد ويجمع القوت؛ باستخدام أدوات حجرية بسيطة، ساعدته على جمع قوته والدفاع عن نفسه، إلى جانب استخدام الأدوات المصنوعة من عظام الحيوانات والأخشاب التي كانت تستخدم على شكل مقابض تثبت فيها بعض الأدوات الحجرية، وكانت من أقدر المواد على البقاء؛ إذ تمكن العلماء بواسطة فحصها بالنظائر المشعة وأشعة الكربون 14 من التعرف على المراحل التي مرت بها الصناعات الحجرية خلال مختلف العصور، بدءا بالعصر الحجري القديم حتى العصر الحجري الحديث .


صورة متخيلة لإنسان الجزيرة العربية وبعض حيواناتها قبل مايزيد على عشرين ألف سنة

وتلك المواقع تقع جغرافيا في سلسلة جبال السَّراة التي كانت بكهوفها الواسعة ومغاراتها العجيبة مهد الحياة الإنسانية الأولى، وموطنًا مثاليًا لجأ إليه أوائل البشر على وجه هذه الأرض، إذ لم تبدأ حياتهم على ضفاف الأودية ومياه الأنهار التي تجري في السهول والمنخفضات، وإنما قامت على سفوح الجبال، إذ كانت له الكهوف والمغاور في تلك الجبال بمنزلة البيت الذي يأوي إليه هرباً من قسوة الطبيعة من حر وبرد وأعاصير وصواعق وثلوج، ومن خطر المفترسات الضارية التي كانت تهدد حياته، حيث كانت وسائل حياتهم محدودة وبدائية، وكانوا يعيشون على هذه الجبال حياة غير مستقرة، ينتقلون من مكان إلى آخر بحثاً عن الغذاء من صيد الحيوان وجمع البذور والثمار . وقد امتن الله تعالى على عباده بأن جعل لهم من الجبال أكنانًا، أي مغاور وكهوفًا يأوون إليها، قبل أن يكتشفوا صنعة الخيام أو بناء البيوت، فقال عز من قائل : (( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا )) النحل/ 81 .
وقد ثبت علميا وتاريخيا ووثائقيا أن الجزيرة العربية بوجه عام هي مهد الإنسان الأول على هذا الكوكب، وأن وجوده عليها بقي مستمرا دونما انقطاع خلال عشرات الآلاف من السنين . وهذا ما أكده مؤخرا جميع علماء إنسان ما قبل التاريخ . يقول البروسفور ( كون ) أستاذ التاريخ القديم والآثار في جامعة بنسلفانيا: (( أن الصحراء العربية التي كانت جنة من الخصب على الأرض قبل أن يصيبها التصحر في العصر الدفيء الأخير إنما هي مهد الإنسان، والمكان الذي انطلقت منه كل الأقوام التي سكنت كل القارات ... وإن هذا الإنسان أقام في تلك البقعة 30 ألف سنة متعاقبة، وهذه المدة الطويلة لم تتحق لأية إقامة بشرية في أية بقعة أخرى من العالم، وقد وُجد الإنسان العاقل في غابات المنطقة المكتظة والمندثرة حاليا، ومراعيها الخصيبة الزائلة، خير مكان يقطنه ويتطور فيه خلال الأزمنة التي كانت الحياة فيها متعذرة في أماكن أخرى بسبب الجموديات والثلج )) العرب والساميون د. أحمد داوود ص 50 - 52.

وتشير معظم الدلائل الأثرية والمصادر التاريخية والعربية المرتبطة بالكتب السماوية أن الأمم الأولى من قدماء العرب العاربة قد انتقلوا من حياة الكهوف والصيد وجمع الثمار البرية إلى الزراعة وتربية الماشية والتجمعات السكانية وبناء المنازل على ضفاف الأودية والبحيرات، وذلك منذ الألف العاشر إلى الثامن قبل الميلاد . فهم بذلك أول من أسس أقدم المراكز الحضارية في العالم ، يقول ديورانت مؤلف كتاب ( قصة الحضارة -ج1 ص 241 ) : (( ولقد لفت شوينفرت أنظار العلماء إلى تلك الحقيقة الطريفة العظيمة الخطر، وهي أن الشعير والذرة الرفيعة والقمح، واستئناس الماشية والماعز والضأن، وإن ظهرت كلها في مصر وبلاد ما بين النهرين من أقدم العهود المدونة، إلا أنها لم توجد في حالتها البرية الطبيعية في مصر بل في بلاد اليمن وبلاد العرب القديمة. ويستدل من هذا على أن الحضارة- وهي هنا زراعة الحبوب واستخدام الحيوانات المستأنسة- قد ظهرت في العهود القديمة غير المدونة في بلاد العرب، ثم انتشرت منها في صورة \"مثلث ثقافي\" إلى ما بين النهرين \"سومر، وبابل وأشور\" وإلى مصر )) .

ولا شك إن منطقة الباحة التي تقع ضمن أقليم جنوب غرب الجزيرة العربية بجغرافيتها التي تشمل السلاسل الجبلية وسفوحها الغربية ( الأصدار ) وسهول تهامة، والسفوح الشرقية، هي من أقدم مواطن البشر على وجه هذه الأرض، وذلك يعود إلى تمتع هذه المنطقة كغيرها من مناطق جنوب غرب الجزيرة العربية بأنماط جغرافية ومناخية معتدلة أغرت إنسان ما قبل التاريخ بأن يتخذ من جبال هذه المنطقة وهضابها وكهوفها مأوى ظل يلجأ إليه من أقدم الأزمنة . وإلى عهد قريب كان الرعاة، وما زالوا، يلجئون إلى تلك الكهوف ذاتها في مواسم معينة من السنة، وذلك لحماية أنفسهم وأغنامهم، ويسمون تلك الكهوف الحِلال، جمع حِلَّة، من الحلول . وفي جزيرة سقطرى اليمنية رأيت معظم سكانها ما زالوا يسكنون الكهوف، ويعيشون على الرعي وجمع الثمار البرية كعادة أسلافهم منذ آلاف السنين .

وقد خلف ساكنو الكهوف والمغاور في هذه الجبال رسومًا ونقوشًا تصور موضوعات شتى؛ وتمثل لهم أهمية قصوى، فالأشكال البشرية والحيوانات مثل الوعول والأبقار والماعز والأسود والذئاب وحيوانات أخرى غيرها بعضها منقرض، وكذلك مناظر الصيد، كل ذلك كان جزءا من الحياة المألوفة لدى أولئك الناس، ولذلك عبروا عنها بالرسم على الصخور، فضلا عن عدد كبير من الكتابات والرموز الغامضة نقشتت على واجهات الصخور في أماكن كثيرة لا يكاد يحصيها العد .

وتعد مناظر الصيد من أهم وأكثر الرسوم شيوعًا في الرسوم الصخرية لعصور ما قبل التاريخ في هذه المنطقة، وهي تمثل وسيلة هامة للاتصال والتفاهم بين أولئك البشر في تلك العصور، وتظهر بعض تلك الرسوم نزعة للتطور من الصور ذات الملامح البشرية والحيوانية الواضحة إلى أشكال عودية تشبه كثيرًا حروف النصوص العربية القديمة ( المسند الجنوبي ) .

وتنتشر شواهد وأماكن تلك الرسوم والنقوش في مواقع مختلفة من منطقة الباحة، سوف أورد نماذج لعدد من تلك المواقع :

أولاً : رسوم جبل شدا الأعلى :



مغارة غازية يزيد عمقها على 30 مترا















يتكون هذا الجبل العملاق، ومثله جبل شدا الأسفل، من الصخور النارية الجرانيتية التي ارتفعت وانكشفت منذ قديم الزمان نتيجة للحركات الأرضية البانية للجبال، والتي تعود إلى حقب ما قبل الكمبري، وهو أقدم العصور الجيولوجية في تاريخ نشأة الأرض. ومن أبرز العناصر الطبيعية في هذين الجبلين مغارات عجيبة وكهوف واسعة، تكونت بفعل عوامل التعرية خلال ملايين السنين، وأخرى تكونت بفعل تسلل الغازات من الصهير الناري عند التبلور في الجزء الخارجي من ذلك الصهير، فتركت مكانها تجاويف كروية أو مستطيلة أو بيضاوية الشكل، تختلف أحجامها من صخرة إلى أخرى، وهي كثيرة جدًا في هذين الجبلين، ولا سيما جبل شدا الأسفل . وكهوف أخري تكونت بفعل تساقط الجلاميد الضخمة فوق صخور أخرى، فتكون بينهما فراغات كهفية واسعة . وهذه الكهوف من المواطن الطبيعية المحصنة التي استوطنها الإنسان منذ بدء الخليقة، وما زالت موطنا مثاليًا للناس من أهل هذين الجبلين، وهي أرث حضاري وثقافي عظيم يجب الحفاظ عليه والاستفادة منه . وقد زرت عددا من تلك الكهوف والمغارات في أثناء بحثي عن النبات وألفاظه في هذين الجبلين الغنيين بالتنوع الحيوي، فوجدت في العديد منها كنوزًا لا تقدر بثمن، وجدت على جدرانها رسوماً ملونة غاية في الندرة والأهمية، إذ هي من أقدم الرسوم الصخرية التي عُثر عليها في كهوف العالم، وذلك إن بعضها يعود إلى العصر الحجري الأخير، في الحقبة ما بين ( 20000 – 6000 ) سنة قبل الميلاد . وذلك استنادا إلى تطابقها مع رسوم مشابهة لفن الكهوف في مواقع أخرى خارج الجزيرة العربية، ومن أمثلة ذلك رسوم كهف لاسكو بجنوب فرنسا، ورسوم كهوف جبال تاسيلي التي تقع بين الحدود الليبية والجزائرية ، شمال الصحراء الكبرى . وفي هذا التاريخ كانت منطقة الباحة، ولاسيما سهول تهامة والسفوح الجبلية المنخفضة، إذ القمم العالية في ذلك الزمن كانت شديدة البرودة أو تكسوها الثلوج في بعض فصول السنة، أقول : كانت المنطقة بعامة تنعم، كما أسلفت، بمناخ رطب معتدل مطير، جرت فيه الجداول والأنهار، وتكونت البحيرات، وذلك ساعد على ظهور غطاء نباتي كثيف، وانتشار كبير للحيوانات العاشبة والمفترسة من كل الأنواع .

وفيما يلي عرض لنماذج مختارة من تلك الرسوم:

1_ رسوم كهف هُريته ( غار الكَتْب )



شعب هريته منظر عام



هريته منظر عام للموقع





كهف هريته حيث الرسوم



رسوم كهف هريته





تقع هذه الرسوم داخل كهف في صخرة عظيمة ملقاة على سفح جميل سهل الانحدار يسمى هُريتة، مليء بالكهوف الواسعة، ويقع إلى الشمال الغربي من جبل شدا الأعلى، على ارتفاع 900م . ونظرا إلى تلك الرسوم سمعت الرعاة من أهل ذلك المكان يسمونه ( غار الكَتْب ). وهذه الرسوم هي عبارة عن أشكال حيوانية وآدمية رسمت بصبغ أحمر من مادة الهيماتيت المأخوذة من أكسيدات الحديد الطبيعية وهي تشبه الدم ، أو من العصارة الحمراء لشجرة الخزم ( دم الأخوين ) التي تنبت بأعداد طيبة في هذا الجبل . وتقع بوابة الكهف نحو الجهة الغربية، وهو محمي من أشعة الشمس إلا في ساعة الغروب، فإنها تصل إلى عمق الغار، ولا سيما الجهة الجنوبية من مدخل الكهف . وقد نُفذ الرسم على مساحة كبيرة من جدار الكهف، وهو لعدد من الأنواع البقرية المنقرضة، وهي شبيهة بالأبقار المبقعة، لها وجوه تشبه وجوه المعزى، وقرون تشبه قرون المها ( الوضيحي ) ولكن منحنية قليلا إلى الوراء، ولها أذيال طويلة غير مخصلة، ويظهر الرسم تفاصيل دقيقة لتلك الأبقار تميز الذكور عن الإناث. ويمكن ربط رسوم هذه الأبقار بالأحوال المناخية المطيرة التي كانت سائدة في ذلك العصر، إذ الأبقار، لا تعيش، في الغالب، إلا على موارد مائية دائمة على ضفاف الأودية أو البحيرات. ويحيط بهذه الأبقار رسوم بشرية في وضع يوحي بأنها في وضع راقص، فإلى أعلى الرسم من جهته اليسرى، يظهر رجل يرتدي سيفًا على خاصرته، وذراعاه مرفوعتان إلى الأعلى، وإلى جواره امرأة وطفل أو طفلة، وترتدي تلك المرأة لباسًا مزركشًا يشبه بعض الألبسة الحديثة، له فتحتان طوليتان بأعلى الصدر، تميلان نحو الترقوة، وهذا الشكل يبين أن هذه الملابس مفصلة ومخاطة من الجلد أو الصوف أو نحوهما، وإن هولاء البشر قد عرفوا الخيط والإبرة منذ أمد بعيد. وتظهر المرأة من خلال الذراعين المرفوعتين والجذع المائل، أو المنحني وكذا الطفل أو الطفلة، أنهما في رقصة تبدو أكثر تفاعلا وحركية من الرجل . وإلى الأسفل من هذا عدد من الرجال لنفس الرسام، ولكن بلون مغاير، وهولاء الرجال يظهرون في وضع راقص أيضًا، ويرتدون سيوفًا على خصورهم. ويظهر شعر الرأس في جميع هذه الرسوم ثائرًا في خصلتين قائمتين مع ميل نحو صفحتي الوجه وفارق في الوسط. وشاهدت ما يشبه هذه اللوحة للرسام نفسه تحت التَّحِي الأسفل من جبل شدا الأعلى، في سفح شعب يدعى الحُمِيمة، سيأتي الحديث عنه .
وعلى يمين هذه اللوحة في كهف هريتة نفسه يوجد رسوم أخرى، ولكن تباين اللون وطريقة الرسم توحي بأنها رسمت في فترة زمنية مختلفة . وهي مجموعة من الرسوم تمثل عددا من الحيوانات ، منها حيوان يشبه البقرة، وآخر يشبه الكلب أو الذئب، وعدد من النعام، وربما أوحت رسوم النعام هذه ببيئة مناخية متأخرة بدأ يسود فيها الجفاف . ويقف إلى جوارها رجل طويل القامة واضح الساقين، يداه مرفوعتان، ويعلق في خصره سيفًا . وإلى أسفل هذه المجموعة حيوان غريب، برتقالي اللون، لم تتضح ملامحه . ولكن هذه المجموعة الآخيرة قد أثرت فيها أشعة الشمس فبدت أقل وضوحًا من المجموعة السابقة .
ويظهر أن الغرض من هذه المناظر الراقصة حول تلك الحيوانات إظهار بعض الطقوس الدينية أو التعبدية المرتبطة بالصيد والقرابين، والتي ما تُصور، غالبًا، في مجموعات. وهي ظاهرة استمرت إلى جاهلية ما قبل الإسلام، وقد ذكر المؤرخون أن العرب في جاهليتهم كانوا يطوفون حول الذبيحة التي يقدمونها قربانا للآلة ، وأن ممارسة الشعائر والطقوس الدينية كالدوران حول الأصنام والقرابين كانت تؤدى والأيادي مرفوعة . ويعتقد كثير من الباحثين في علم الأجناس أن إنسان ما قبل التاريخ قد برع في رسم الحيوانات التي يريد صيدها، كالأبقار والوعول والخيول والجمال المتوحشة، وذلك اعتقادا بأنه سوف يمتلك روحها ويسيطر عليها من خلال تلك الرسوم. وبعضهم يرى أنهم استخدموا هذه الرسوم لبعث الشجاعة لدى الصيادين وطرد الخوف من نفوسهم .

2_ رسوم شعب وادي الجوف :



وادي الجوف











 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب


رد مع اقتباس

اخر 5 مواضيع التي كتبها صقر الجنوب
المواضيع المنتدى اخر مشاركة عدد الردود عدد المشاهدات تاريخ اخر مشاركة
الشعراء بن حوقان وعبدالواحد منتدى القصائد الجنوبية ( المنقولة) 0 753 04/01/2024 11:35 AM
القصة (مورد المثل) منتدى القصص و الروايات المتنوعة 0 688 02/01/2024 09:28 AM
الله لايجزي الغنادير بالخير منتدى القصائد النبطية والقلطة ( المنقولة) 1 442 28/12/2023 05:06 PM
قصة وسيرة صدام حسين منتدى القصص و الروايات المتنوعة 2 909 28/12/2023 04:58 PM
مت شهيدا قصة فكاهية منتدى القصص و الروايات المتنوعة 0 571 28/12/2023 04:54 PM