الشجاعة .. لا تعني عدم الخوف .. كما يقول عنترة بن شداد، ولكنها تعني مواجهته. والشفافية ــ بدون شك ــ نوع جلي من أنواع الشجاعة، لا تملكها سوى النفوس الكبيرة التي تليق بالنبلاء والعظماء وذوي العزم من الرجال. وعندما تصل الشفافية إلى حد الإعلان عن الحالة الصحية بكل تفاصيلها لرجل في قمة الهرم الإداري في الدولة، فإن هذا من عزم الأمور، ولا تقوى عليه سوى نفوس الكبار المتميزين في حكمتهم لفهم الحياة وطبائع الناس.
لقد انتهج الملك عبدالله بن عبدالعزيز سياسة الشفافية حتى قبل توليه مقاليد الحكم، فالشفافية ليست حالة طارئة يمكن أن يتبناها الفرد في مراحل متقدمة، ولكنها مبدأ حياة ينشأ عليها ويمارسها حتى في التعبير عن انفعالاته. وهكذا هو دائما. فهو لا يتردد في التعبير عن غضبه للحق .. ولا يتردد في التعبير عن فرحته بالإنجاز .. ولا يتردد عن الإعلان عن خيبة أمله .. أو حزنه أو اندهاشه .. انفعالاته لا تخفى على أحد .. فهو شفاف إلى درجة التعبير عنها علنا بكل شجاعة .. مواجها التردد الذاتي في النفس البشرية التي تخشى الإفصاح.


ليس هناك أعظم من أن يكشف الملك لشعبه عن حالته الصحية.. وليست هناك شجاعة تماثل الدخول في تفاصيل تلك الحالة..
الشعب .. الذي أعاد الملك عبدالله تشكيل حالته الذهنية في مدة زمنية قصوى، لا يملك إلا أن يدعو له بطولة العمر .. وبالشفاء العاجل .. وأن يكون كل أولئك في ميزان حسناته. فالأمة كلها في هذه الأيام المباركة ترفع أيديها للسماء دعاء بأن يرفع الله عنه ما ألم به، وأن يحفظه لشعبه الذي أحبه وتناغم معه وعشق شفافيته وشجاعته النبيلة.