عرض مشاركة واحدة
قديم 31/03/2012, 02:45 PM   #11
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

افتراضي



أقوال مأثورة لسعود
هذه باقة مختارة من أقوال صاحب السمو الملكي الأمير سعود ، ولي العهد تفيض بالحكمة ، وتنطق بجزالة الأسلوب وفصاحة صاحبها وبيانه.
ــ إن أحبَّ إنسان في الدنيا إلي هو جلالة الملك ــ والدي ــ أطال الله عمره، ولو أن الحياة تفتدى لفديته بنفسي ؛ لأن الحنان الذي أشعر به من نفسه لا يستطيع أن ينهض بوصفه لسان ولا جنان ، وإني أتفانى في حبه ،لأن ذلك واجب ديني أولاً،«فالجنة تحت أقدام الوالدين»،والقرآن الكريم حفل بالآيات العظيمة التي تحض على طاعة الوالدين ورضاهم،ومنها { أن اشكر لي ولوالديك(12) } وغيرها من الآيات الكريمة . وإن ما ألقاه في المعاملات الشخصية لي من لدن لجلالته ، وما تشتمل عليه من الحنان والعطف لما يعجز عن وصفه لساني وجناني ، وليس لدي تلقاء ذلك غير الابتهال إلى الله تعالى بخالص الدعاء لجلالته ، أطال الله عمره ، وأسبغ عليه نعمة العافية.
ــ يجب على الإنسان أن يبذل النصح لنفسه ثم لإخوانه المسلمين . كما يجب أن يحسن النية ؛ لكي يكون عمله صالحًا ومقبولاً عند الله ؛ وإن في طاعة الله طريق السعادة والنجاح ، ولا سعادة إلا بالدين ، والدين هو طاعة الله،والعمل بأوامره وتجنب نواهيه ، واتباع سنة نبيه ، وأن يرضي الإنسان ضميره الذي هو قلبه .لأن في الجسم مضغةً إذا صلحت صلح سائر الجسد ، ونعمت النفس بالسعادة ، وخيركم من يحبكم ويحبونه ، وشركم من يلعنكم وتلعنونه، فلينظر الإنسان في اختيار الطرق التي تؤدي به إلى أحسن المسالك،ولا شك أنها العمل الصالح ، وهذا قوله تعالى: { ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين.. }(13).
والمسلمون جميعًا إخوة لنا . ونحن وإياهم كالجسد الواحد . إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى كما قال النبي الكريم . وخير ما أنصح نفسي به وأنصح المسلمين أن يتمسكوا بربهم ليرشدهم إلى طريق الخير . فهو السبيل الوحيد إلى سعادة الدارين ، إن شاء الله تعالى .
ــ إن الله لم يفرط في كتابه الكريم من شيء ، ولو اتبع الناس ما جاء به القرآن الكريم من الهدى لما تفرقوا،ولسعدوا في دينهم وفي دنياهم.إن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ قد أوضح في سنته الحكيمة كل شيء ، ومن سار على سنة النبي الكريم فقد تسلم طريق النجاح والفلاح. . وأنه القدوة الحسنة للمسلمين . وهذه أحاديثه الصحيحة تبين للناس مكارم الأخلاق وحسن معاملاتهم بين أنفسهم وبين ربهم وبينهم وبين إخوانهم جميعًا.
ــ إن التاريخ حافل بالعبر والعظات ، وخير دروس للمرء يتعظ بها هي دروس التاريخ ، لما فيها من تجارب الأولين ، وتمجيد أعمال المتقدمين ، والإشادة بأعمال السلف الصالح الذين يجب أن يكونوا القدوة الصالحة .
ــ إننا والله لا ننظر إلى الناس إلا بعين المحبة والتقدير والمساواة فكبيرهم عندنا كوالد ، ومتوسطهم كأخ ، وصغيرهم كابن ، وإن رعايانا عندنا بمنزلة أولادنا وعيالنا وأهلنا.
الأمير فيصل . . بين الحرب
والدبلوماسية (14)
ولد حضرة صاحب السمو الملكي « الأمير فيصل » النجل الثاني لأسد الجزيرة في الرياض عام 1324هجرية الموافق لسنة 1906ميلادية . ووالدته ابنة للشيخ عبدالله بن عبداللطيف من آل الشيخ محمد بن عبدالوهاب ، من أعاظم علماء الرياض . وقد كان الشيخ من أقرب الناس إلى الملك وألصقهم به ، وأكثرهم نصحًا له .
وقد كان ميلاد الأمير فيصل عقب النصر العظيم الذي حققه أسد الجزيرة على خصمه القوي عبدالعزيز بن رشيد وقضائه عليه في روضه مهنا، واستخلاصه القصيم نهائيًا من أيدي آل الرشيد والعثمانيين . وهذه الحادثة التاريخية الفذة تعتبر من الوقائع الفاصلة في تاريخ حياة الملك عبدالعزيز، ومبدأ سقوط آل رشيد وضياع ملكهم . ويتكلم أسد الجزيرة عن ميلاد أبنائه فيقول:إن سعودًا ولد يوم فتح الرياض(15)، وفيصلاً يوم ذبحة ابن رشيد(16) ، ومحمدًا يوم الحسا (17) وخالدًا يوم جراب(18) ، وهكذا يؤرخ جلالته ميلاد أبنائه بالأحداث الكبار والوقائع التاريخية الفاصلة . ونشأ فيصل في بيت جده لوالدته الشيخ عبدالله بن عبداللطيف ، فاستفاد ثقافة دينية عظيمة زاده اليوم في نجاحه وتوفيقه في عمله.
واشترك الأمير فيصل لأول مرة في الوقائع الحربية والغزوات التي كانت متتابعة الوقوع بين جلالة والده وخصمه ابن الرشيد في غزوة « ياطب » إلى الشرق الجنوبي من حائل . ولكن هذه الغزوة كانت غزوة بدوية ، ولم يكن لها من النتائج العملية أثر يذكر ،وسافر بعد ذلك إلى أوروبا في رحلته الأولى، وبعد عودته منها قام مع سمو أخيه الأكبر الأمير سعود بغزو الشعيبة بقرب حائل في سنة 1338هجرية ، ورجع معه إلى القصيم فالرياض ، ثم صدر أمر جلالة الملك للأمير سعود بالعودة إلى حائل لضرب نطاق الحصار عليها ، فسافر معه فيصل ، وشاهد استسلام الأمير عبدالله المتعب.
وكانت عسير قد خضعت لحكم الملك عبدالعزيز ، ووفد أميرها حسن ابن علي بن عايض إلى الرياض ، فأكرم وفادته ، وعاد أميرًا على البلاد ، وأرسل معه مندوبًا يقيم إلى جانبه ، وقد تبدل ثلاثة من المندوبين بعد ذلك كان آخرهم فهد العقيلي الذي لم يتفق مع ابن عايض ، فثار عليه وأخرجه من أبها ، ثم هاجمه هو وحلفاؤه في خميس مشيط وقبض عليه ، ولما بلغ الخبر الملك جهز جيشًا قويًا جعل فيصلاً على رأسه .
ومشى فيصل بجنده من الرياض في شهر ذي القعدة سنة 1340 هجرية ، وحينما وصل إلى «رنية» في وادي سبيع بلغه خبر تجمع القوات من بني شهر المحالفين لأشراف مكة ، ولآل عايض وهجومهم على أطراف بيشة ، فجد في المسير، وجمع القوم ،ونصره الله عليهم ، فانكسروا وولوا الأدبار . وكانت هذه الواقعة سببًا في رعب أهل عسير وفرارهم من دون مناجزة ، فتقدم إلى بلاد « شهران »،ومنها إلى «أبها» ،فوصلها في صفر 1341هـ ، وأنقذ قوة إلى «حرملة» التي فيها قصور حسن بن عايض وقلاعه في جبال عسير ، فاحتلتها ودمرت القلاع ، وفر آل عايض إلى تهامة . وعاد فيصل إلى الرياض ظافرًا منتصرًا.
وحينما استقر رأي الملك عبدالعزيز على فتح الحجاز مشى بنفسه إلى مكة،وخلف والده الإمام عبدالرحمن في الرياض(19) ،كما ترك أكثر أنجاله ، وفيهم الأمير سعود وفيصل عنده . ولكنه بعد مضي ما يقرب من سنة على الحرب الحجازية النجدية أصدر الملك أمره إلى نجله فيصل ، بأن يحضر إلى الحجاز على رأس جيش للمساعدة على احتلال جدة ، فمشى الأمير فيصل من الرياض في شهر ربيع الثاني من عام 1344هجرية ، ووصل إلى مكة ولم يمكث فيها إلا أيامًا قليلة استكمل فيها عدته وذخيرته ، ثم توجه على رأس جيشه إلى حدود جدة وضرب عليها الحصار ، وبعد انقضاء 25 يومًا على حصاره هذا استسلمت جدة ، ورحل الأشراف عنها ودخلها أسد الجزيرة يوم الخميس الثامن من شهر جمادى الثانية عام 1344هجرية.
وعلى إثر إعلان الحرب بين المملكة العربية السعودية واليمن في أواخر عام 1352هجرية عين الأمير فيصل قائدًا عامًا لجيوش تهامة ، فمشى من مكة المكرمة إلى حدود تهامة في مطلع العام التالي ، وحينما وصل إلى جازان كانت جيوش أسد الجزيرة قد أتمت احتلال « منطقة حرض» ، وشرعت في تشديد الحصار على بلدة ميدي، فأسرع فيصل إلى احتلال ميدي وأسر عاملها «العرشي» ، وشتت القوة النظامية التي كانت باقية في المنطقة ، وبذلك انكسرت الجيوش اليمانية انكسارًا مريعًا، وانسحبت من سائر تهامة . وتقدم فيصل بجيشه ، فاحتل الحديدة ، وأتم احتلال منطقة تهامة حتى « باجل»، وشرع في تنظيم شؤون المقاطعة على غرار الحكم السعودي،حتى بدأت مفاوضات الصلح ،وأسفرت عن تقرير إعادة البلاد المحتلة إلى اليمن . وقام في الوقت نفسه بالمفاوضة مع القوات البحرية البريطانية والإيطالية التي كانت قد أنزلت فرقًا من البوليس في الحديدة للتدخل في الحرب السعودية اليمنية ، ووصل بهذه المفاوضات إلى إقناع القوات الأجنبية بالانسحاب وعدم تدخلها في الشؤون العربية ، فكان نصرًا في مقدمة انتصاراته الديبلوماسية جمع بينه في الوقت نفسه وبين نصر من أعظم انتصاراته الحربية.
وبعد أن أعلن أسد الجزيرة ملكًا للمملكة العربية السعودية ،شرع في تنظيم حكومته على الأساليب الحكومية العصرية ، وبدأ بتعيين الأمير فيصل رئيسًا للحكومة، ومرجعًا أعلى لدوائرها الرسمية بلقب « النائب العام لجلالة الملك».. فهو يتولى النيابة العامة عن جلالة والده إذا ما غاب عن الحجاز ، وفي الأوقات المعتادة يصبح لقبه « رئيس مجلس الوكلاء » ،وهو فوق ذلك رئيس مجلس الشورى ووزير الخارجية ...
ومن آيات عظمة فيصل تنشئة ولده الأكبر عبدالله هذه التنشئة السامية الرفيعة التي قدمتها في فصل سابق من هذا الكتاب ، وأسندت إلى عبدالله الفيصل وزارتا الداخلية والصحة اللتان أنشئتا أخيرًا في الحكومة العربية السعودية ، فاضطلع بمهمتين خطيرتين ... مهمة حفظ أمن بلاده الداخلي ، ومهمة رعاية صحة مواطنيه... وهو ابن بجدتها .
أقوال مأثورة لفيصل
خطاب في مستقبليه يوم عودته من أمريكا
في أول رحلاته إليها
إني وإخواني نشكر لكم هذا الشعور الفياض بالمحبة والولاء ، ولست في حاجة إلى أن ألهب فيكم نار الحماسة ، أو استنهض فيكم الهمم ، كما أنني لست في حاجة إلى أن أوضح لكم مادار في هيئة الأمم المتحدة بخصوص فلسطين ، فكلكم على علم بذلك ، وإنما الشيء الوحيد الذي أحب أن أؤكده لكم هو أن ممثليكم ــ وأقصد بذلك ممثلي الدولة العربية في هيئة الأمم المتحدة ــ قد بذلوا فوق المستطاع لإيضاح عدالة قضيتهم . ولتحقيق الحق ، وللمحافظة عليه ، والتمشي على أسسه . ولكن لسوء الحظ ومع الاعتراف من الكل بعدالة قضيتنا حتى ممن صوتوا ضدنا فقد تغلب الباطل لوقت ما ، ولحين من الزمن ، ولكن الحق سيعلو ،لأن للحق أنصارًا، وسيعلو الحق ، لأنكم أيها الأعزاء من أبناء المملكة العربية السعودية، وأبناء سائر الأقطار العربية ، وسائر الأقطار الإسلامية تؤيدون الحق ، ولن يضيع حق أنتم في طلبه.
مواطني الأعزاء : أؤكد لكم أننا ــ إخواني وأنا ــ وحينما أقول إخواني أتكلم باسم الجميع ،وعلى رأسهم حضرة صاحب السمو الملكي مولاي ولي العهد المعظم ، سنكون بعون الله تعالى تحت ظل حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم وإرشاداته الحكيمة خدامًا لهذا الوطن ، نستهدف كل ما يصلح الوطن وينهض بالأمة ، وسنكون معكم يدًا بيد وكتفًا بكتف ، في سبيل خدمة القضية التي نخدمها كلنا ونتحمس لها ، وأقصد بذلك قضية العرب أجمعين ، وهي قضية فلسطين العزيرة على كل نفس ، المحببة إلى كل قلب ، ومهما كان للباطل من صولة ،فإنه يضمحل ،وستبقى فلسطين عربية مهما فعل الباطل ، وستظل إلى الأبد عضوًا عاملاً في جسم الأمة العربية إن شاء الله.
الثقة في النجاح
يجب أن نمرن أنفسنا ونعود ها على التشبث بتذليل الصعوبات ، وليس النجاح مفروضًا في كل مشروع بل ، إن كل مشروع معرض للنجاح والفشل، ولكن يجب أن لا نفشل في اعتقادنا ، وأن نكون أقوياء متحفزين لعمل الخير، ويجب أن نناضل في هذا الميدان ونتناصح، ويشد بعضنا أزر بعض أفرادًا وجماعات.
الأداة الحكومية
إن الحكومة تشبه في مجموعها آلة كبرى تتألف من أجزاء شتى ، وهذه المجموعة يشترك فيها كل فرد . ويجب أن تكون من الأمة ، ويجب أن يتوافر فيها الإخلاص والعمل والنشاط والمثابرة وحسن النظر وحسن النقد . فإذا أخفقنا في هذا فالجناية الكبرى أننا لا نجني على أنفسنا فحسب ، بل على أمتنا وبلادنا وعلى من بعدنا ، فالمسؤولية إذا ليست قليلة.
مسؤولية الموظف
إذا كان الإنسان ينظر لوظيفته على أنها مجرد عمل قام به في وقت من الأوقات، وأنهى ما أمامه من الأوراق ، فهذا لا أحب أن أقول إنه خائن ، ولكني أقول إنه مقصر ومسؤول أمام الله ، ثم أمام الناس، ثم أمام ضميره ، لأن الإنسان ليس آلة ميكانيكية تعرض عليه أوراق فيؤشر عليها ، بل يجب أن يفكر فيما تحويه هذه الأوراق ، وأن يتصور مسؤوليته فيها فيعمل بضميره ما يستلزمه من العمل .
كونوا للّه
كونوا لله قبل كل شيء، ثم كونوا لأمتكم ووطنكم ، وأسسوا بنياكم على أساس متين إذا كنتم تريدون النجاح . وإلا فكل مسلك غير ذلك يؤدي بكم إلى القهقرى .
فضيلة الصراحة
كثير من الناس لهم أعمال غير مشرفة .. فإذا لقينا أحدهم رفعناه فوق منزلته ، وجاملناه ، فلو اتبعنا قاعدة إهانة من أهان نفسه بارتكاب أمثال تلك الأعمال والاشمئزاز منه لارتدع عن غيّه حتى لا يكون من المنبوذين.
حرية الرأي
رأينا في كثير من الأمم أناسًا يقفون على المنابر ينتقدون رؤساء حكوماتهم وموظفيهم وزعماءهم . وليس هذا موجودًا عندنا بدعوى أنه ليست عندنا حرية رأي. وهذا قول مردود، فأي بلد تتمتع بحرية رأيها مثل الذي عندنا ؟ يقف الفرد من الشعب ويستوقف مليك البلاد في عرض الطريق وببث إليه شكواه . فهل بعد هذا حرية رأي ؟! إلا إذا كان المقصود من الحرية اتخاذ ميدان للتطاعن الشخصي وتبادل السباب ، فهذه ليست بحرية . الحرية أن يكون الشخص مخلصًا في رأيه الذي يبديه.
كل إنسان تجب عليه المحافظة على كرامته وحقه . وليس عندنا ــ ولله الحمد ــ فرق بين رئيس ومرؤوس في الحق العام . الرجل في الشارع ، وأكبر رأس في البلاد أمام الحق سواء.
ينقصنا الشجاعة والإخلاص . فإذا عرفنا الداء وجب علينا جميعًا مقاومته، وإلا فيسري في المجموع ، ويتسرب إلى من بعدنا ، وتكون الجناية خطيرة على أنفسنا وعلى أعقابنا.
الأمير طلال
عرفته في مصر .. في الإسكندرية يوم شرفها في صيف عام 1951م ، وقضى بضعة أيام في فندق سان استفانو في انتظار الباخرة التي أبحرت بسموه إلى مرسيليا ليقضي أشهرًا في باريس للاستشفاء..
وحضرة صاحب السمو الملكي الأمير طلال هو الابن السابع عشر لأسد الجزيرة.. في أوائل الحلقة الثالثة من عمره . يفيض شبابًا وحيوية . يميل في اندفاع شديد إلى العلم وإدراك حقائق الأمور ،كما يميل كل طالب علم مجد نابغ .. وقد أثر عنه منذ طفولته المبكرة حب الاستطلاع الشديد يسأل عن كل شيء تقع عليه عينه ، ولا يقنع بجواب واحد ، بل يمضى في السؤال ، حتى يتأكد من حقيقة ما يسأل عنه ،ويطمئن إلى أنه عرف كل شيء عنه.
ذهبتُ إلى سان استفانو لأتشرف بلقائه، فإذا بي أجد جناحه غاصًا بالناس. وكان ينزل في الجناح المجاور لجناح رفعة النحاس باشا (20) . وظننت أن هذا الجمع حاشية الأمير ، ولكنني لم ألبث أن تبينت أنهم جميعًا زائرون وكلهم مصريون ، وكلهم أصدقاء خلص للأمير الذي له في مصر أصدقاء أكثر مما له في بلاده.
ووجدت عند الأمير طلال نفس المساحة العربية المأثورة عن والده المعظم والأمراء إخوانه . ووجدت في حديثه نفس اللباقة والدراية التي وجدتها في حديث من قابلتهم قبله من أمراء آل سعود ، ووجدت عنده نفس المروءة والكرم التي اشتهر بها بيت أسد الجزيرة . ووجدت عنده فوق ذلك حياء وميلاً عن الشهرة والدعاية لنفسه ،ومضيت في الحديث مع سموه في شتى شعوبه وفنونه ، فوجدت فيه دراية العالم الخبير ، والمحيط بأسرار الحياة والوجود وأوضاع العالم الذي يعيش فيه ، ووجدته محيطًا بآخر الأنباء وتطورات الأمور في جميع بلدان العالم دانيها وقاصيها.
إن أشبال أسد الجزيرة كلهم نسيج وحدهم بين شباب العالم علمًا وأدبًا وخلقًا، والحديث عن مناقب واحد منهم وحميد خصاله ينطبق عليهم كلهم على السواء.. وطلال زهرة ناضرة في باقة هذه الأزاهير اليانعة.
الهوامش
1) انظر موقف الملك عبدالعزيز من القضية الفلسطينية في : خمسون عامًا في جزيرة العرب لحافظ وهبة: 154 ــ 170 ، وتاريخ الدولة السعودية ، لأمين سعيد : 329، وشبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبدالعزيز ، للزركلي : 1071.
(2) الصحيح (الآخر) ؛ لأن الوصف بالثاني لا يصح ،إلا إذا كان هناك ثالث ورابع . وكذلك يقال (جمادى الآخرة) ولا يقال (الثانية).
(3) يريد ( استقباله إياهم ) .
(4) سورة المائدة الآية: 82.
(5) يريد بها الحرب العالمية الثانية (1939 ــ 1945م).
(6) انظر خبرًا مطولاً عن الاجتماع في شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبدالعزيز : 1155 ــ 1179 ، وتذكرة أولي النهى والعرفان : 4/196 ــ 200 ، وقد تم اجتماعهما على ظهر الطراد الأمريكي ( كونيري ) يوم الخميس : 2/3/1364هـ 15/2/1945م ، وقد توفي روزفلت في هذا العام ، وخلفه على الرئاسة هاري ترومان.
(7) انظرماذكره المؤلف عن الملك سعود في: البلاد العربية السعودية ، لفؤاد حمزة : 44 ــ 55، وصدرت عن الملك سعود ــ رحمه الله ــ عدة كتب ، منها : رجل وأمة، لعبدالكريم المصلوخي ، وأربعة كتب لمحمد طه الفياض ، طبعت كلها في بغداد . انظر: فهرست المطبوعات العراقية ، إعداد : عبدالجبار عبدالرحمن : 2/487،وكتب عنه المؤلف صفحتين في كتابه : أسرار الملوك والرؤساء في مذكرات صحافي ص : 17 ــ 18.
(8) هو عبدالرحمن بن مفيريج من أهل الرياض.
(9) وقعت في 7/3/333 1هـ = 24/1/1915م.
(10) ولد في الرياض عام 1299هـ ، وأسهم مع أخيه الملك عبدالعزيز في استرداد الرياض عام 1319هـ ،ثم شهد معه ملحمة توحيد المملكة ، وتوفى ــ رحمه الله ــ عام 1362هـ ، وكان معروفًا بالشجاعة والفروسية والكرم ، تاريخ ملوك آل سعود : 238 ، وتذكرة أولي النهى والعرفان 4/136، والأعلام : 6/199، وفي المصدرين الأول والثاني أن وفاته عام: 1361هـ.
(11) توفى مقتولاً عام : 1367هـ.
(12) سورة لقمان ، الآية : 14.
(13) سورة فصلت ، الآية : 33.
(14) ترجم له فؤاد حمزة في كتابه : البلاد العربية السعودية 57 ــ 68 ،حينما كان ــ رحمه الله ــ يشغل منصب النائب العام في الحجاز ، وصدرت عنه بعد ذلك كتب كثيرة ، منها : فيصل العظيم ، لأمين سعيد ، وفيصل وأمانة التاريخ ، لحامد مطاوع ، وفيصل ملك العربية السعودية ، لجيرالد دي غوري ، وفي مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ثبت بما صدر عنه.
واستفاد المؤلف في كتابة هذا الفصل من كتاب (البلاد العربية السعودية )، لفؤاد حمزة ، ص: 58 وما بعدها.
(15) أي عام 1319هـ = 1902م.
(16) يريد به عبدالعزيز به متعب الذي قتل في روضة مهنا عام : 1324هـ= 1906م.
(17) عام : 1331هـ=1913م.
(18) عام : 1333هـ=1915م.
(19) توفى ــ رحمه الله ــ عام : 1346هـ = 1928م ، وكانت ولادته عام : 1268هـ =1852م، وكتب له الزركلي ترجمة مبسوطة في الأعلام : 3/322.
(20) هو مصطفى النحاس باشا ، من رجال السياسة المشهورين في مصر،ولد عام:1879م ، وانتسب إلى حزب الوفد ، وخلف سعد زغلول على رئاسته عام 1927م ، وتولى رئاسة الوزارة في مصر عدة مرات ، وبعد قيام الثورة المصرية عام 1952م ، أجبر على اعتزال السياسة ولزوم بيته ، توفي عام : 1965م . الأعلام : 7 /246.
الأمير فهد بن سعود
الأمير فهد هو الابن الأكبر لحضرة صاحب السمو الملكي «الأمير سعود » ولي العهد .. في الخامسة والعشرين من عمره .. متزوج .. زار مصر زيارة عابرة في طريقه إلى أوروبا في صيف عام 1950م.
وفهد سر أبيه .. يجري في حياته اليومية على برنامج عظيم حافل لا يغير دقيقة من أجزائه .. يستيقظ مع الفجر فيؤدي الصلاة حاضرًا (1) شأن جميع أمراء نجد وشعبه سواء كان في بلاده أم في الخارج . ويتأهب بعدها للدراسة المنتظمة التي تبدأ من الساعة الثامنة صباحًا حتى الظهر دراسة جامعة شاملة يشرف عليها رائد سموه «الأستاذ مختار الزقزوقي »،وهو مرب مصري فاضل يعد من نوابغ شباب مصر المثقف أعلى ثقافة مع امتياز في خلقه وأدبه ؛ بحيث يعد لمصر سفيرًا آخر غير رسمي في الجزيرة العربية . وبعد أن ينتهي الأمير من دراسته اليومية يصلي الظهر في معية والده الكريم ، ثم يتناول معه أيضًا الغداء . وبعد الغداء يجلس الأمير فهد مجلسه مع حاشيته فيعرضون عليه الأوراق الخاصة بسموه وبمعاملاته ، وبعد صلاة العصر يجلس إلى رائده الأستاذ الزقزوقي ، فيتناول معه مناقشة أهم ما يجد من مشاكل العالم ، ويدرسها دراسة تحليلية مقارنة ،حتى يحيط بتطورات أمر الدنيا ساعة بساعة ويومًا بيوم . وقبيل الغروب يحضر مجلس والده ويصلي معه صلاة المغرب ثم يتناول معه العشاء . وبعد العشاء يتسمع للأخبار العالمية من الإذاعة ، ويقرأ بعض الجرائد ، ويعلق عليها تعليقه الخاص ، ويناقش من حوله فيها . ثم يستجم قليلاً استعدادًا لمراجعة بعض الموضوعات التي درسها قبل النوم.
ومن أبرز صفاته حب الاستطلاع والتعطش إلى المعرفة والإلمام بكل شيء ويهتم حتى بالدقائق .. وهو حليم له قدرة عجيبة على التحكم في أعصابه . وهو هادئ قليل الكلام إلا حيث يلزم الكلام ، بعيد عن الاختلاط الذي لايفيد،فيفضل العزلة لكي يستطيع أن يشاهد غيره ، ويغوص في نفسه محللاً ، لكي يتحاشى ما قد يكون فيه انحراف في التفكير.
وتفكير الأمير فهد دائمًا أقوى من حديثه . يحب الحقيقة ولو كانت في غير صالحه ،ويقدر المصارح بها ، وتراه يزدري بينه وبين نفسه من يموه حقيقة من الحقائق.. وله طريقته الخاصة في السيطرة على الحديث في مجلسه .. طريقة المربعات كما يسميها رائده الأستاذ الزقزوقي .. الطريقة التي كان يتبعها نابليون بونابرت في حربه مع المماليك في مصر ، إذ كان يحيط جنودهم بمربعات من جنده فيحدق بهم حتى يستسلموا .
والأمير فهد فارس من خيرة فرسان العرب . ويوم زار المغفور له الملك عبدالله الجزيرة العربية (2) قام أمراء آل سعود باستعراض الفروسية أمام جلالته على ظهور خيولهم، وسبقت فرس الأمير فهد خيل باقي الأمراء في السباق الذي تباروا فيه .
ويميل الأمير فهد إلى قراءة القصص وكتب السياسة ، وهو مغرم بفلسفة السياسة ، ويبدو غرامه هذا في أحاديثه دائمًا .
وقد قام الأمير فهد بعدة رحلات قصيرة في أنحاء الجزيرة العربية بقصد الصيد، شأنه في ذلك شأن جميع الأمراء ، ولكنه ألغى هذه الرحلات مؤقتًا للتفرغ للدراسة . رحلته إلى أوروبا في صيف عام 1951م هي أولى رحلاته إلى الخارج ، وقد بدأ بها سموه أول مراحل دراسته العالمية العملية للعالم . وأول ما يعنى به في دراسته هو دراسة اللغتين الإنجليزية والفرنسية.
وأعود للحديث عن الأستاذ مختار الزقزوقي ، رائد الأمير فهد ،فأقول : إن سمو الأمير سعود ولي العهد عرف بالتروي والحكمة وبعد النظر وإدراك حقيقة الرجال والفراسة في نظرته إليهم .. هذه الصفات الأولى المعروفة المشهورة عن ولي العهد .
وكذلك كان اختياره للأستاذ الزقزوقي رائدًا لولده الأكبر ومناط رجائه وأمله . فليهنأ الأمير برائده وليهنأ الرائد بأميره ..
الأمير عبدالله الفيصل (3)
الأمير عبدالله الفيصل ،نائب نائب الملك ووزير الداخلية والصحة السعودية هو الشبل الأكبر لحضرة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل آل سعود.
استكمل الأمير الشاب عبدالله الفيصل من وسائل الدراسة العصرية الراقية ما ساير به عصره وجارى زمانه ، ثم خلص من ذلك إلى مجالسة الكتب،وملاحقة الفروسية ، وتتبع أنفس ما تحويه ذخائر المجلدات والمخطوطات ، وملاحقة أجل ما في معنى البطولة من سير العرب وأخبار الفرسان وأصائل الجياد حتى احتشد له من المعلومات والمعرفة الواسعة النطاق ما جعله المجلي في هذا الباب ، بل لقد أصبح الأمير الشاب في مجالسه الخاصة ولدى طائفه كبيرة من عامة الناس ، يعرف بأنه حجة في معرفة أنساب الجياد الأصائل وذكر أخبار الفرسان المتقدمين الذين كان لهم شأن يذكر أولا يذكر في وسط الجزيرة وأطرافها في هذا القرن ، وعلى الأخص الذين كانت لهم صلة أو علاقة بحروب آل سعود وحوادث جيلهم الحاضر.
وأغرم الأمير بقراءة الشعر وسماعه وصياغته ، ولكن أي شعر . شعر البادية الذي اصطلح على تسميته بالشعر النبطي . وهو في ذلك سليل بيت كله شعر وشعراء ، فوالده العظيم ، وجده الأكبر وغيرهما من أمراء الأسرة ، لهم في هذا الشعر جولات موفقة عظيمة ، أطلقت ألسنتهم بالشعر الذي يرسلونه في فضاء الجزيرة مدويًا تتداوله الألسنة والأسماع ، وقد تنتحله الرواة وينسبونه لأنفسهم وهم بمرأى ومسمع من أصحابه ، آمنين على أنفسهم ،لعلمهم بأن أصحابه يحاسبون على من يسرق الناس ،ولا يحاسبون على من يسرقهم !.
والأمير شاعر من الطراز الأول وشعره فيه من الفصاحة وبلاغة المعاني ما يبهر العقول ويبهج النفوس ، ولا يخلو مجلسه من تداول هذا الشعر وإنشاده.
وما كاد عبدالله الفيصل يبلغ مبلغ الشباب حتى عهد إليه أسد الجزيرة ببعض الأعمال الحكومية نيابة عن والده ، ثم دعته ظروفه إلى السفر لمصر ثم إلى أمريكا وأوربا ، ثم عاد إلى مباشرة عمله ، نائبًا عن أبيه في غيابه ومساعدًا له في حضوره ، وإذا بالأمير عبدالله الفيصل يتخرج « رجلاً » ناضجًا كامل الرجولة، يدير شؤون الدولة فيما يتطلبه منصبه من أعمال إدارية ، وفيما تتطلبه الحياة من تمرس بالشؤون بالعامة ، وفيما يغمر الدنيا من شؤون السياسة، ويصطخب به العالم من قلق واضطراب وتباين في أهواء الدول وأهوالها . يقتحم الأمير عبدالله الفيصل ، ذلك المعترك الداخلي الصاخب ، معترك العمل في دائرته وديوانه وبين الأكداس المتكتلة من أضابير الأوراق والمعاملات ومواجهة الدولة في أعبائها الإدارية ، هو في الوقت نفسه يواجه أعباء المعترك الخارجي ، معترك الحياة العالمية القلقة المضطربة الصخابة ، وما تتطلبه من يقظة ودراسة وتطلع وانتباه ؛ حتى يكون على متابعة من مجرى الحوادث ومسايرتها في زمن يجب أن لا تغفل فيه العين ، ولا يغفو عنه القلب، فيخرج من ذلك كله وعلى رأسه إكليل الفخار ، وضاح الجبين ، مشرق الطلعة جدير بأن يكون حيثما هو كائن.


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس