عرض مشاركة واحدة
قديم 31/03/2012, 02:46 PM   #12
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

افتراضي



عبدالله السليمان وزير المالية (4)
أنشئت « وكالة المالية » في عام 1347هـ إثر تأسيس حكومة جلالة الملك المعظم في المملكة العربية السعودية ، وأسندت رياستها إلى « معالي الشيخ عبدالله السليمان الحمدان » ،وقامت هذه الوكالة بعملها خير قيام دون الاستعانة بأحد من الخارج ، ونظرًا للاستقرار الذي حصل بعد تأسيس الحكومة والتطورات العامة التي حدثت في مرافق الدولة والأمة ، فقد عدّلت وكالة المالية في عام 1351هـ ، وحولت إلى وزارة المالية وعين لها معالي الشيخ عبدالله السليمان وزيرًا ، وسعادة الشيخ حمد السليمان أخوه وكيلاً للوزارة ، ووضع للوزارة من التشكيلات ما اقتضته مهام الأعمال ، ثم أخذت مهام الوزارة وأعباؤها تكبر وتنمو ، واستمرت الوزارة في مسايرة التطور والنمو ومواجهة حاجات البلاد وما يقتضيه سير العمل من الأنظمة واللوائح؛حتى بلغت إلى ما صارت إليه الآن من التشكيلات التي سنذكرها فيها يلي :
ومعالي الشيخ عبدالله السليمان هو الوزير القائم على مالية الجزيرة العربية والعقل المفكر الذي يدير حركتها بلباقته وحصافته وأصالة رأيه .
وغني عن البيان أن وزارة المالية في أي حكومة من حكومات العالم هي العصب الحيوي الذي تستند إليه شرايينها حين يجري بالدم في عروق الحياة . وقد ولد معاليه في عنيزة سنة 1308هـ.
و« عبدالله السليمان » ليس وزير مالية فحسب ، فمع ما لهذه الوزارة من الأهمية في جميع ممالك الأرض ، وأن شاغلها يجب أن تتوافر له صفات ممتازة من العلم والمعرفة وسعة الاطلاع ،وحسن الإدارة ولباقة التصرف بالأمور ، وكياسة الاضطلاع بمهام أعماله المترامية المتشعبة ، مع ما لهذه الوزارة من الأهمية، فإن «عبدالله السليمان» لم تكن « وزارة المالية» هي كل عمله في الحياة أو في مناصب الدولة ، إذ إن ما يضطلع به من أعمال خطيرة أخرى ، وثقة حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم به ، ذلك كله جعل من «عبدالله السليمان» شخصية أخرى لم تقتصر على شخصية « وزير المالية » فحسب ، بل تعدته إلى شخصية رجل جمع عدة مناصب في منصب ، ونهض بأعباء خطيرة متلاحقة ، أعتقد أنه لا يشعر بها ولا بمسؤوليتها شعور الرجل العادي أو الإنسان البسيط ، لأنه قد فطره الله على أن يكون كذلك ،ولو كان الأمر على غير ما نقول لأقض مضجعه مجرد التفكير في أهوال هذه الأعمال ، وأخطار هذه المسؤوليات.
أما وإن « عبدالله السليمان » هو « عبدالله السليمان » الذي خلقه الله على هذه الصفة من المقدرة ، وحباه هذا القدر من الجلد والنشاط ، وأمده بكل ذلكم الجهد والمعرفة وحسن الإدراك ، فلا غرابة في أن يكون مرموقًا بتوفيق الله في كل عمل يقصد إليه ، محدوًا بعنايته ورعايته وحسن توفيقه في كل وجهة هو موليها .
لقد نهض معالي الوزير الجليل الشيخ عبدالله السليمان بمهام أعمال ينوء ببعضها وزراء مجتمعون ،ولكن إخلاصه لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم وتفانيه في الولاء لجلالته،ولأصحاب السمو الملكي الأمراء أنجال جلالته ، جعلته يهب نفسه لعمله ، وينسى نفسه كل النسيان ، بحيث لم يعد يعرف بعد الله شيئًا غير مليكه وخدمته ، والسهر المتواصل على راحته ورعايته وتلبية أموره ورغباته . ولما كان معالي الوزير يعلم حق العلم من نفس حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم ما يتوق إليه من إصلاح ، وما ينشد لبلاده ورعاياه من مصالح ونهوض وتقدم ورقي، فقد أخذ معاليه على عاتقه أعباء جديدة مضافة إلى مهام منصبه الخطير ، هي محاولة الإصلاح الاجتماعي والعمراني في سائر مرافق الحياة في المملكة العربية السعودية ؛ فلا يمكن أن تبرز ناحية من نواحي الإصلاح إلا ويكون السباق إليها أو المشير بها ، أو العامل على تشجيعها هو معالي الشيخ عبدالله السليمان، بإرشاد حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم ــ أيده الله ــ واستئذانه، فإذا ما قدر لمشروع ما أن يتولاه « عبدالله السليمان » فقل إنه مشروع ناجح بإذن الله ، وإذا ما ابتدر « عبدالله السليمان » أي موضوع فهو بإذن الله ناجح وموفق ، وهذه وإن كانت هي نعمة من نعم الله تعالى على الرجل،إلا أن نصيب المنتفعين بنفعها أوفر حظًا من نصيبه المحدود في خير الدنيا، وإن كان نصيبه من خير الآخرة وثواب الله أجزل وأكثر وأوفى .
قلنا إن معاليه لم يكن وزير مالية فحسب ، وإن كانت هذه صفته الرسمية المعروفة ، فإن ثقة حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم أولته همة جعلته يمد يد الإصلاح إلى سائر المرافق الحيوية للبلاد ، تحقيقًا للرغبة التي يعرفها كامنة في نفس مليكه الباسل المغوار ، وهذه المرافق الزراعية التي تكون أعظم ثروة في أكثر ممالك الأرض كان لها من عناية معاليه النصيب الأوفر ابتداء من السنوات التي شعر فيها بالحاجة إلى تنمية هذه المرافق ، وهي سنوات الحرب، وما كان مفروضًا فيها من القحط والجوع ، وما كان من المقدر أن ينال هذه البلاد من تلك الكوارث العالمية ، ولكن ما الذي حدث ؟! مع اعترافنا بما كان للحكومة من جهد مشكور في تأمين تموين هذه البلاد بواسطة الجهات المختصة بشؤون التموين وانتظام وروده إلى المملكة في دورياته المنتظمة ، إلا أن همة الوزير وجهده المشكور لم يقفا عند حد انتظار التموين الخارجي المعلق على سفن البحار ، وأدوات البخار ، ولكنه وجه عنايته الكبرى وعزمه الماضي إلى استنباط الغذاء من تربة بلاده ، وقام بعمل علاوة على أنه خارق للعادة في جزيرة العرب فإنه نافع مفيد مثمر ، وذلك بتوجيه همته إلى الزراعة، فعمل على زرع مساحة كبيرة من الأرض في جهة الخرج وغيرها من منطقة الأحساء ، واتبع مساقط المياه ومجاريها في أنحاء المملكة كافة ، فاستغل ذلك كله للزرع وإنبات التربة ،ولم يقف عند ذلك فقط ، بل عمل على تشجيع الزراعة في جميع نواحي المملكة ، وعلى الأخص في النواحي الخصبة،ومنها جهات المدينة المنورة ، فاستقدم المهندسين، وانتفع بخبرة الأخصائيين من الأمريكان والعراقيين والمصريين،وأمر بإعفاء الآلات الزراعية من الرسوم الجمركية ، واستصدر من المراسيم الملكية ما أعفي بموجبه وخفض كثير من الرسوم الجمركية على المواد الغذائية والحاجات الضرورية ووسائل العمران.
وإذا نحن أمعنا النظر فيما ينهض به معالي الشيخ عبدالله السليمان من جلائل الأعمال ،وما يوجه إليه همته من وسائل الإصلاح في شتى المرافق الحيوية للبلاد ، أمكننا أن نقول بحق إنه وزير الوزراء إن صح هذا التعبير ، فها هي ذي شؤون الزراعة تجد منه أكبر عناية وأجل رعاية ، وها هي ذي شؤون المواصلات هو راعيها وصاحبها والقائم عليها ، وعلى إدارتها وتشجيعها وتلك الأمور الاجتماعية ينهض بها في جميع المناسبات ، وغير هذا وذاك من الأمور الصحية وأمور التعليم والتهذيب .
وكل واحدة من هذه تعتبر وزارة مستقلة ينهض بها وزير مختص وينوء تحت كاهلها ،وتثقل عليه أعباؤها ،أما عبدالله السليمان فهو وزير كل الوزارات ، لا ينوء بها كاهله ولا تثقله أعباؤها، لأنه لا يرى نفسه وزيرًا للمالية فحسب ، ولكنه يرى نفسه خادمًا مخلصًا وفيًا لمليكه وبلاده ، فهو يعمل في سائر الحقول ، وأينما يتوجه بها يأت بخير.
وللشيخ عبدالله السليمان من معاونة شقيقه معالي الشيخ حمد السلمان وزير الدولة ، وسعادة الشيخ محمد سرور الصبان مستشار المالية ، وسعادة نجيب بك صالحة وكيل المالية ،والشيخ سليمان الحمد وكيل المالية المساعد خير عون على قيامه بأعباء عمله الضخم ومسؤولياته الخطيرة.
ورئيس ديوان الوزير وسكرتيره الخاص « السيد أحمد موصلي » شاب يجمع بين الامتياز في العمل ،والامتياز في الخلق ،لا يني جهدًا في أن يكون جديرًا بشرف المركز الذي يشغله.
نهضة زراعية مباركة في
الجزيرة العربية
بعد أن مثل الكتاب للطبع أسندت مديرية الزراعة إلى « سعادة السيد أحمد عبيد » بعد أن اعتزل السيد صالح قزاز إدارتها ، والسيد أحمد عبيد رجل خلق وأدب وعلم وفن ، يمزج بينها كلها مزجًا طيبًا رائعًا يستهدف كل خطوة يخطوها في عمله. وقد طلبت من سعادته أن يختص كتابي بفصل عن النهضة الزراعية الحاضرة في الجزيرة العربية فتفضل بهذا الفصل القيم :
استوردت مديرية الزراعة العامة ما بين عامي: 50 ــ 51م (2100) مضخة رافعة للمياه يبلغ متوسط ما ترفعه الواحدة (300) جالون في الدقيقة ، ويزيد في مجموعه عن (000،800 و37) جالون في الساعة . وباعتها على المزارعين بالتقسيط على أربع سنوات . وقد بلغت قيمتها (000،300 و 6) ريال عربي دفع المزارعون قسطًا منها. وأعفاهم صاحب الجلالة ملك المملكة العربية السعودية من الباقي ، وقدره خمسة ملايين ريالاً عربيًا دفعها جلالته من حسابه الخاص ؛ لأن جلالته يحرص على الوصول إلى النتائج الصحيحة عن أصح الطرق للصالح العام ، ثم تعاقدت حكومة صاحب الجلالة مع وكلاء توريد المكائن الزراعية في المملكة بشروط معينة لصالح المزارعين ، كتحديد نسبة الأرباح وتوفير قطع الغيار ، وتأسيس ورش الإصلاح في المناطق الزراعية كافة . وتوفير المهندسين للورشة ومتجولين . على توريد ما قيمته أربعة ملايين وخمسمائة ريال عربي لعام 71هـ ،والوكلاء المذكورن هم ــ الشركة التجارية العربية ــ وكلاء مكائن رستن،والجفالي وكلاء مكائن ناشيونال دبيتر . وشركة متشل كوتس وكلاء مكائن ( تانجي) ، وقد استورد هؤلاء الوكلاء مع وجود السابق من المكائن فيما قيمته مليون ونصف مليون ريال عربي لحساب الحكومة ، وتولت الحكومة توزيعها على المزارعين بالتقسيط على أربع سنوات كالطريقة السابقة . ولازالت الطلبات، متراكمة ، يحول دون تأمينها في أوقاتها موانع الإنتاج والتصدير.
أما أعمال الصرف فقد قامت تجارب ناجحة في الخرج والهفوف والمدينة لصرف المياه وإزالة الأملاح المتسربة في التربة في بعض الأراضي الواطئة . والعناية بالصرف سوف تسير إلى جانب التوسع في الري وخاصة في مناطق الأحساء ، والقطيف ، والخرج ، ولقد فتحت حكومة صاحب الجلالة في موازنة السنة الحالية الاعتمادات التالية لإنشاء سلسلة من السدود.
ريال عربي :
000،000،5 سلسلة من السدود الباطنية لمنطقة الرياض ووادي حنيفة.
000،000،2 سد مياه وادي العشر بمكة المكرمة.
000،500،1 سد وادي عكرمة بالطائف.
000،500،1 لإحياء العيون بينبع.
000،400 لإحياء العيون والآبار المتفرقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
000،400،10
ولقد أوشك سد وادي العشر بمكة على الانتهاء . وتحضيرات العمل في السدود الأخرى تسير سيرها الطبيعي ،حيث يستفاد من خبرة خبراء النقطة الرابعة مستر براون ، ومستر جاكسون بالاشتراك مع الخبراء السعوديين، وخبراء منطقة التغذية والزراعة برئاسة (فاندربالاس).
كذلك استقدمت حكومة المملكة العربية السعودية آلات حافرة إرتوازية. واستعملتها في نواح كثيرة من المملكة حيث نجحت في منطقة الظهران والخبر والدمام ،وظهر الماء فورًا نافوريًا على وجه الأرض . وقامت عليه مزارع جديدة وسط صحراء كانت مجالاً للسباع والذئاب.
وفي منطقة المدينة المنورة أمكن الحصول على الماء من مسافة 21 ــ 23 مترًا يصعد الماء من منبعه إلى علو (17) مترًا ، ويستمر العمل الآن في منابع العيون الزرقاء.
وفي القصيم قام المزارعون بمعدات أولية بحفر آبار إرتوازية ظهر ماؤها فورًا ،وستمدهم الحكومة بحاجتهم من الآلات.
وقد تعاقدت مديرية الزراعة العامة مع الشركة العربية التجارية على توريد عشرة آلاف حافرة إرتوازية ، ولكن موانع الإنتاج والتصدير جعلت تسليمها يقسم خلال عامي 51 ــ 52 .
وفي سهول جنوب المملكة قامت البعثة الجيولوجية الأمريكية بالتعاون مع بعثة سعودية بدرس حالة المياه الباطنية . ومياه السيول ومواقع السدود. وجنوب المملكة لا سيما منطقة جازان بلاد تتمتع بأراض خصبة تعطي المحصول على أربع ثمرات للبذرة الواحدة.
هذا عدا تضافر جهود الفنيين الذي يعملون في مديرية الزراعة العامة على تعديله في نظام الري والسواقي ،وتوجيهه إلى أحدث النظم المعروفة . وتستخدم مديرية الزراعة العامة التراكتورات الصغيرة والكبيرة في حرث الأرض . ورفع سلسلة من الحواجز الترابية الضخمة والسدود للسيطرة على مياه السيول وتوجيهها للنفع العام ، وقد تعاقدت مديرية الزراعة أخيرًا مع وكلاء (كتربلر) بجدة ( بيت الزاهد ) على توريد البقية من مخصص المملكة منها ، وقدرها خمسة تراكتورات مع قطع غيارها بمبلغ واحد وخمسين ألف دولار . فتح اعتمادها في البنك الهولندي بجدة ، وهذه ما عدا ما استوردته الحكومة سابقًا وخلال هذه السنة لمختلف الأعمال العمرانية ، إضافه إلى ما استورده متمولو المزارعين على حسابهم الخاص .
أما الإرشاد الزراعي فتستخدم له مديرية الزراعة العامة الإذاعة السعودية، والصحف المحلية ،ووكلاء الزراعة وخبراءها الفنيين في مناطق المملكة كافةً.
الجيش السعودي في فلسطين
هذا الفصل كتبه شاب نابغ من شباب البعثات السعودية في مصر « الأستاذ صالح جمال الحريري(5)» يقول :
« لقد سجل هذا الجيش بدمه الغالي صفحة الشرف على أرض فلسطين العزيزة، ووقف موقف الرجل الشجاع ولم تخر قواه ، أو تضعف عزيمته أمام القوى الغاشمة ،فصمد بقلب ثابت حتى نهاية الشوط فسجل بذلك لبلاده ، وحكومته ، صفحة خالدة ، في تاريخ الحروب.
وإني إذ أكتب هذه الكلمة لاأريد أن أتعرض لسر الحرب والطرق «الاستراتيجية» التي اتبعت فيه ، ولكني أريد أن أجعل من هذا ذكرى طيبة لجهاد هذا الجيش ، وأسجل لهم هذا الشرف العظيم الذي قام به ، ليبقى رمزًا خالدًا لتضحيتهم، وبسالتهم ، وقوة إيمانهم بالله .. فلقد أثبت هذا « العربي الصميم » أنه جندي ذو بأس وقوة ، وعزيمة صارمة ، وهو إذ أقدم على مثل هذه الحرب فإنما يقدم نفسه فداء لله ، وللوطن العزيز المقدس ثالث الحرمين الشريفين.
لم يكد يذاع نبأ إرسال حملة لفلسطين حتى رأيت الجنود والضباط على مختلف الرتب يتسابقون ؛ليحظى الواحد منهم بتسجيل اسمه ضمن أفراد هذه الحملة، وبين عشية وضحاها ،وإذا أنت ترى جميع الوحدات قد اكتملت ، وجهزت بجميع ما تحتاج إليه من معدات وذخائر ، ولقد كانت تبدو على وجوه أفراد الجيش علامات البهجة والسرور والغبطة بهذا الشرف العظيم الذي نالوه، وهذه الثقة الغالية التي أحرزتها من قبل وزارة الدفاع.
ولقد كان المغفور له الأمير منصور وزير الدفاع يتفقد أفراد هذه الحملة بنفسه ، ويقف على جميع ترتيبها ويتردد على الكتائب بين آونة وأخرى.
وعندما أقيمت حفلة توديع هذه الحملة قال سمو الأمير ــ رحمه الله : «كنت أود أن ألقي عليكم كلمة لأزيد في حماسكم ، وأقوي من عزائمكم ، ولكني لمست فيكم من قوة العزيمة ، وصدق التضحية ، وإيمانكم ، واعتمادكم بالله ، مازادني إيمانًا بشجاعتكم ، وجعلنى علي يقين ثابت بأن بلادنا بخير مادامت هذه الروح تتغلغل بين أفراد الجيش ، وإني أتمنى لكم التوفيق والسداد».
وبعد أن اختتم الحفل غادر الجيش الثكنة في « رجب سنة 1367هـ» ، وهو ممتلئ قوة وعزيمة ، وها هو يخترق شارع مدينة « الطائف» في طريقه إلى جدة ، وقد علا الهتاف والتصفيق والدعاء له بالتوفيق والنصر المبين . وهكذا لقي تشجيعًا من جميع طبقات الشعب،فما كاد الجيش يصل « جدة » حتى خرجت الوفود الكثيرة لاستقباله، وقدمت له الهدايا ،وقد أقيمت له عدة حفلات لتوديعه.
وقد غادرت القوات جدة على متن طائرات سعودية إلى القاهرة ، فأنزلت قواتها الخفيفة التسليح في ميناء « فاروق الجوي » ،أما الأسلحة الثقيلة والقوات المدرعة ، والذخائر والتجهيزات الاحتياطية فقد أرسلت بحرًا وأنزلت بميناء السويس.
وبعد أن تجمعت القوات الجوية والبحرية في العريش دخلت فلسطين عن طريق «رفح» ، وواصلت سيرها إلى غزة ، وعند وصول القوات السعودية إلى غزة اشتغلت حالا بتلول « الشيخ على المنطار » المقابلة للمستعمرات الشرقية اليهودية ، وبعد إشغالها المواقع ومشاغلتها العدو الذي كان يرابط في تلك المستعمرات ، وقيامه بدوريات مقابلة بين تلك المستعمرات ، ونسف أنابيب المياه والتصدي لعرقلة سير القوافل التي كانت تمون تلك المستعمرات،كما أنها اشتركت في خطوط القتال الأمامية في غزة، والمجدل، ودير سنيد ، وأسدود ، ونيتسانيم ، وكثيرًا ما كانت تستغرق بعض المعارك زمنًا طويلاً ، ورحى المعركة مستمرة دون انقطاع ،كما حصل في الهجوم على بيت عفة ، وفي موقعة « كراتية»، فقد استمر القتال فيها سبعة أيام متوالية استخدمت فيها عموم الأسلحة الثقيلة ، والخفيفة والسلاح الجوي ، والجندي السعودي صامد وهو يحارب بجلد، ويطيع ما يلقى عليه من الأوامر وينفذ جميع التعليمات المبلغة إليه من القيادة العليا بواسطة رؤسائه.
وفي معركة « بيرون إسحق» أظهر الجندي السعودي شجاعة،وأبدت «فرقة الاقتحام» من الأعمال ما أدهش العدو . فقد كانوا يقتحمون الحصون، ويجتازون حقول الألغام والأسلاك الشائكة، ويخوضون المعارك بقوة وشجاعة غير هيابين ولا مبالين ، على الموت ينازلون العدو بقوة وشجاعة ، وقلوب ملؤها الإيمان بالله ، ورغبة منهم في الاستشهاد في سبيل الله .
وهكذا حارب الجندي السعودي بجوار أخيه الجندي المصري جنبًا لجنب ؛ وتحت قيادة موحدة يسعون لغاية واحدة،ألا وهي إنقاذ فلسطين.
ولقد كسب الجيش السعودي حب الجيش المصري ورجال حكومته ، كما أنه حاز إعجاب الدول العربية الأخرى لما أبداه من إخلاص وتضحية.
هذا وقد نشرت جريد ة الأهرام في عددها «22823» الصادر في 4/3/1949م ، ما تفضل به صاحب الجلالة الملك « فاروق الأول»،فقد أنعم بالنياشين الآتية على حضرات الضباط وضباط الصف وجنود « الجيش السعودي» ،تقديرًا لأعمال البطولة المجيدة والبسالة الفائقة التي أظهرها في ميدان القتال في فلسطين .
القائمقام سعيد بك الكردي : نجمة الملك فؤاد العسكرية.
اليوزباشي رشيد البلاع : نوط محمد علي الذهبي.
نوط الجدارة الذهبي لكل من : اليوزباشي محمد الهنيدي ، واليوزباشي تركي الراشد .
ــ « ولما زار حضرة صاحب السعادة الفريق عثمان المهدي باشا القوات السعودية بالسويس ، أبلغ القيادة السعودية بإنعام جلالة الملك بنوط الجدارة الذهبي على الصاغات :( أمين شاكر ، وعبدالهادي محمود ، والدكتور أحمد بك شلبي ، واليوزباشي عبدالله العيسى).
نوط الجدارة الذهبي ، لكل من الملازمين الأولين ، على القباني وعبدالله النويصر ، وصالح النصيان ، ومحمد العامري ، ومحمد على سلامة، وإبراهيم المالك ، وعلى وهبي كردي ، وفايز عبدالخالق ، وأحمد ناصر الحيدري ، وغازي الطايفي.
نوط الجدارة الفضي ، لكل من الجندي : سليمان بن أحمد علاوي ، ومحمد عبدالله العتيبي ، وحسن بن جابر الصبياني ، وأحمد بن عسيلي » .
ولقد حدثت هناك ظروف حالت دون مواصلة القتال حتى النهاية . ومع هذا فإن الجيش السعودي قد كسب من هذه الحرب خبرة ومرانا ، وخاض المعارك ، واستعمل أنواع الأسلحة المختلفة في ميادين القتال . وأشرف على تنفيذ الخطط الحربية ..!
وإنا نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعين القائمين بأمر الجيش لتقويته، والنهوض به حتى يصل إلى مصاف أرقى جيوش الأمم الحديثة ، والله ولي التوفيق.


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس