عرض مشاركة واحدة
قديم 26/12/2007, 01:04 AM   #2


الصورة الرمزية حمودددد الزهراني
حمودددد الزهراني âيه ôîًَىà

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8017
 تاريخ التسجيل :  Dec 2007
 العمر : 31
 أخر زيارة : 30/10/2009 (01:53 PM)
 المشاركات : 142 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وأوضح مثال على ذلك ما نال كل من عماد الدين زنكي وابنه نور الدين من إهمال وتغييب ذكر، لاسيما في أيامنا هذه التي احتفل فيها بذكريات النصر على الصليبين، فلم يقل قائل كلمة ثناء على هذين البطلين، ولم يذكرهما ذاكر في معرض مقارعة الصليبيين ومناجزة الفرنج الغازين، ووجه الثناء كله إلى صلاح الدين واعتبر هو بطل الخلاص، وقائد التحرير.

فما هي الحقيقة في ذلك، وهل يستحق عماد الدين ونور الذين هذا الإهمال، وهل يستحق صلاح الدين كل هذا الإجلال؟!

إننا لا نتردد في القول بملء الفم وعلى رءوس الأشهاد : لا.

وما نقوله عن عماد الدين ونور الدين نقول مثله عن الظاهر بيبرس وعن قلاوون وولده خليل.

إن هؤلاء الذين أنهوا الوجود الصليبي في بلاد الشام، وكانوا أبطال التحرير لا يذكرهم ذاكر، ويفوز بالتمجيد رجل واحـد كل ماله في الحروب الصليبيـة أنـه كسب معركة واحدة ضد الصليبيـين، حرر بها حيزا صغيرا من البلاد، ثم فعل بعد ذلك، وكان قد فعل قبل ذلك، ما محا حتى هذه المكرمة من سجله القتالي.

عماد الدين ينهض

كان الوضع قبل نهوض عماد الدين وضعاً مذلاً سيطر فيه الصليبيون سيطرة كاملة على البلاد الممتدة من ماردين إلى عريش مصر. ولم يكن نـاجيـاً من ربقة الاحتلال في هذا المدى الواسع إلا المدن الأربع : حلب وحماة وحمص ودمشق. على أن هذه المدن إذا كانت نجت من الاحتلال فإنها لم تنج من الهوان، فقد كان الصليبيون يرسلون وفودهم إليها فارضة ما تشاء من الفروض، فضلا عما كانت عليه بقية المدن والقرى.

ولعل مما يصور وضع البلاد يومذاك ما قاله صاحب كتاب (الروضتين): "وكان الفرنج قد اتسعت بلادهم وكثرت أجنادهم وعظمت هيبتهم وزادت صولتهم وامتدت إلى بلاد المسلمين أياديهم وضعف أهلها عن كف عاديتهـم وتتـابعت غزواتهم وساموا المسلمين سوء العذاب واستطار في البلاد شرهم".

ثم يزيد في وصف الحال قائلا : " وكانت سراياهم تبلغ من ديار بكر إلى أمد ومن الجزيرة إلى نصيبين ورأس عين، أما أهل الرقـة فقد كـانوا معهم في ذل وهوان وانقطعت الطرق في دمشق إلا على الرحبة والـبر، ثم زاد الأمر وعظم الشر حتى جعلوا على أهل كل بلد جاورهم خراجا وإتاوة يأخذونها منهم ليكفوا أذيتهـم عنهم ".

هذه هي حال الوطن حين كان قد استطال أمر عماد الدين زنكي ورسخ سلطـانه، فكان أن هب لمناجزة المحتلين ومقارعتهم، ثـم أخـذ ينتصر عليهـم انتصارات متتابعة، إذا كانت في أول أمرها هينة النتائج فإنها كانت مفتاحا للوثـوب، كهذا الـذي جرى حين ردهم عن حصن ( شيزر) وحين فتح حصن (الاثـارب) وحصن (عرقة) وحصن (بارين). ثم ضرب ضربتـه الكبرى بفتح مدينة (الرها).

وقد كان قيام الإمارة الصليبية في الرها تهديدا متواصلا للموصل وما يتبعها مثل نصيبين وماردين وحران، وكذلك لديار بكر وما إليها على أعالي دجلة، بل كان تهديدا لشمال العراق كله.

ويموت عماد الدين اغتيالا ويليه ابنه نور الدين ويستطيع السيطرة على رقعة ممتدة من أعالي دجلة شمالا إلى الأردن جنوبا. فعزم على مواصلة كفاح أبيه فيصطدم بالفرنج ويفوز عليهم بمعركة (انب)، ويقتل (البرنس) صاحب أنطاكية، وكان البرنس هذا كما يقول ابن الأثير: "عاتيا من عتاة الفرنج وكان الخلاص منه إحدى أكبر الأمنيات".

واستطاع نور الدين أن يأسر (جوسلين) الذي يقول عنه ابن الأثير أيضا: "كان أسره من أعظم الفتوح لأنه كـان شيطانا عتيـا شديدا على المسلمين"وبأسره تم تطهير منطقة واسعة تضم ثلاثة عشر موقعا ما بين مدينة وقلعة. ثم تتابعت الانتصارات فافتتحت (دلوك) و (تل باشر) و (حارم) التي أسر في معركتها صاحب أنطاكية والقمص وصاحب طرابلس الذي يقول عنه ابن الأثير: " كان شيطان الفرنج وأشد شكيمة على المسلمين " وكذلك أسر (الددك) مقدم الروم، وابن جوسلين. ثم فتح نور الدين قلعة بانياس والمنيطرة والعريحة وصافيتتا وقلعة جعبر. وبذلك تم تطهير البلاد من الصليبيين وحصرهم في رقعة محدودة من بلاد الشام فانصرف نور الدين لإعداد خطة تتيح له القضاء نهائيا عليهم وإخراجهم من الديار الشامية وكان قد أوفد من قبل صلاح الدين إلى مصر وتمكن صلاح الدين من توطيد أمره فيها. وكانت خطة نور الدين أن يفتح على الصليبيين جبهتين يحصرهم بينهما، فيتقدم هو من بلاد الشام، ويتقدم صلاح الدين من مصر، وأرسل نور الدين إلى صلاح الدين يأمره بالإعداد لتنفيذ الخطة فيفاجأ الصليبيون بالزحف من الجبهتين في وقت واحد. ولكن أوامر نور الدين لم تنفذ، وخطته أفسدها صلاح الدين! . وإليك ما يرويه المؤرخون عن ذلك :

يقول ابن الأثير: " وكان المانع لصلاح الدين من غزو الفرنج، الخوف من نور الدين، فإنه كان يعتقد أن نور الدين متى زال عن طريقه الفرنج أخذ البلاد منه، فكان يحتمي بهم ولا يؤثر استئصالهم، وكان نور الدين لا يرى إلا الجد في غزوهم بجهده وطاقته. فلما رأى إخلال صلاح الدين بالغزو وعلم غرضه تجهز بالمسير إليه، فاتاه أمر الله الذي لا يرد".

وهنا أتساءل: من هو الجدير بالتكريم أمن يرى الجد في غزو الفرنج أم من يحتمي بهم على هذا الجاد؟ بل أتساءل أمن يحتمي بالفرنج هذا الاحتماء جدير بالتكريم؟!

ضد الخليفة

وهكذا فإن صلاح الدين لم يقدم على غزو الفرنج إلا بعد موت نور الدين واعتقاده بأن في هذا الغزو توسيعا لملكه وانفرادا بهذا الملك.

وماذا كانت نتائج حرب صلاح الدين، لقد انتصر في حطين فتحررت القدس، وإذا أبعدنا قدسية القدس جانبا، فان تحرير القدس لا يعدو في نتائجه تحرير أية مدينة أخرى في فلسطين.

فماذا جرى بعد الانتصار في حطين وتحرير القدس؟إن تحرير القدس يجب ألا يعمينا عن النظر في الحقائق التي أعقبت هذا التحرير.

لقد تحررت القدس وتحررت معها مواضع أخرى، ولكن الصليبيين لا يزالون جاثمين على قلب الوطن الإسلامي ولاتزال معظم البلاد الأخرى غير محررة.

فماذا فعل صلاح الدين المنتصر في حطين؟ وما هي الخطة التي أعدها لتحرير الأرض غير المحررة.

إن ما فعله صلاح الدين شيء لا يستطيع الإنسان تصور وقرعه، ولكنه وقع!...

في هذا الوقت بالذات كان الخليفة في بغداد هو أحمد الناصر. وكان هذا الخليفة قد استطاع التخلص من السلاجقة والاستقلال بالخلافة ونفوذها في العراق كله مما أمكنه أن يحكم مملكة واسعة ويؤسس فيها جيشا قويا، بعيدا عن أي سيطرة عليه أو تدخل في شئونه.

ولما بلغته أنباء الحرب في فلسطين ، والقتال بين الصليبيين والمسلمين صمم على أن يوجـه جيشه القوي إلى جبهات القتال هناك لإعانة المجاهدين على التخلص من الصليبيين واسترداد البلاد الإسلامية.

وكان لا بد لإنفاذ ذلك من التفاهم مع صلاح الدين الذي يقود المقاتلين هناك، فأرسل الخليفـة الناصر إلى صلاح الدين من يرتب معه أمر دخول جيش الخلافة لمعاونته في قتال الصليبيين.

ولكن صلاح الدين رفض ذلك، وخوفا من أن يصر الخليفة على إرسال جيشه بادر صلاح الدين إلى التفاهم مع الصليبيين وإعلان وقف القتال بينه وبينهم، للتفرغ لقتال جيش الخلافة بالتعاون بينه وبين الصليبيين لمقابلة هذا الجيش في صف واحد.


 
 توقيع : حمودددد الزهراني





رد مع اقتباس