11/11/2007, 01:56 AM
|
#6
|
المؤسس والمشـــرف العــــام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 2
|
تاريخ التسجيل : Aug 2004
|
أخر زيارة : 30/07/2025 (06:02 AM)
|
المشاركات :
64,173 [
+
] |
التقييم : 16605
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
MMS ~
|
SMS ~
|
|
لوني المفضل : Maroon
|
|
المبحث الثالث
اقتران الإيجاب بالقبول
78 – تمهيد :
رأينا أن تطابق القبول مع الإيجاب هو الذى يؤدى إلى انعقاد العقد ، فالقبول غير المطابق للإيجاب زيادة أو نقصاً أو تعديلاً ، لا يؤدى إلى تمام العقد ويعتبر رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً (31) .
كما رأينا أن السكوت لا يعتبر فى ذاته قبولا ، إلا متى كان هذا السكوت ملابساً (32) .
ونعرض هنا للحظة التى يتم فيها البيع الدولى للبضائع ، لأن هذا البيع تسبقه مفاوضات بين طرفيه ، تنتهى عادة بتوجيه ايجاب من أحد الطرفين إلى الآخر ، فإذا صدر القبول من الموجب له وكان تعبيراً مطابقاً للإيجاب ، فلا يحول شئ دون تكوين عقد البيع الدولى ، ولكى يتم العقد كان لابد من تحديد اللحظة التى يقترن فيها الإيجاب بالقبول .
79 – متى يتم عقد البيع الدولى ؟ :
وفقاً لنص المادة 23 من اتفاقية فيينا فإن " العقد يتم فى اللحظة التى يعتبر فيها القبول منتجاً لأثره طبقاً لنصوص هذه الاتفاقية " . { صفحة 109 }
وتنص المادة 24 من الاتفاقية المشار إليها على أنه : " بالنسبة لهذا القسم من الاتفاقية – أى القسم الثانى المتعلق بأحكام تكوين عقد البيع الدولى للبضائع – فإن الإيجاب أو إعلان القبول أو أى تعبير آخر عن الإرادة " يصل " إلى الموجه إليه هذا التعبير ، متى وجه التعبير شفاهه إلى الطرف الآخر أو سلم إليه بأية وسيلة أخرى شخصياً أو إلى مركز أعماله أو أرسل بالبريد إلى عنوانه ، أو إذا أرسل إلى محل إقامته المعتاد عند عدم وجود مركز أعمال له أو عنوان بريدى " .
وقد سبق أن رأينا أن المادة 15/1 تعتبر الإيجاب منتجاً لأثره بوصوله إلى الموجه له ، كما رأينا أن المادة 18/1 تقضى بأن يعتبر القبول منتجاً لأثره متى وصل إلى الموجب ، كما رأينا أن الرجوع فى الإيجاب أو القبول ينتج أثره بوصوله إلى الطرف الآخر ، إيجابا أو قبولا أو رجوعا فى أيهما . ويبين من جماع هذه النصوص أن التعبير عن الإرادة وفقا لاتفاقية فيينا ، ينتج أثره بوصوله إلى الموجه إليه التعبير .
لذلك حرصت المادة 23 على أن تؤكد أن العقد يتم منذ اللحظة التى يعتبر فيها القبول منتجاً لأثره وفقاً لأحكام الاتفاقية أى منذ أن يصل القبول إلى الموجب ، ففى هذه اللحظة يقترن الإيجاب بالقبول .
80 – وصول التعبير :
تكفلت المادة 24 ببيان متى يصل reache التعبير عن الإرادة إلى الطرف الآخر وذلك فى الصور الآتية :
1 – إذا وجه شفاهة إلى الموجه إليه التعبير ( الطرف الآخر ) .
2 – إذا سلم من صاحب التعبير إلى الموجه إليه بأية وسيلة أخرى : { صفحة 110}
( أ ) شخصياً .
(ب) أو إلى مركز أعماله .
(جـ) أو إلى محل إقامته المعتادة إذا لم يكن له مركز أعمال أو عنوان بريدى .
ويعنى نص المادة 24 من اتفاقية فيينا إذن بتحديد اللحظة التى يتم فيها عقد البيع أو يقترن فيها الإيجاب بالقبول ، ويتضح من هذا النص أن اتفاقية فيينا أخذت بنظرية معينة من عدة نظريات تأخذ بها مختلف التشريعات الوطنية ، فقد اعتدت الاتفاقية بنظرية وصول القبول أى تسليمه وهو ذات المذهب الذى اعتنقه القانون الموحد لاتفاقية لاهاى ، على أن القانون الأخير لم يتضمن نصاً تفصيليا يبين فيه متى يعتبر التعبير عن الإرادة قد وصل إلى الطرف الآخر ، إذ قررت المادة 8/1 من القانون الموحد بأن القبول لا يحدث أثره إلا إذا وصل إلى الموجب فى الميعاد المعين له ، وبينت المادة 12 المقصود من الوصول بأنه تسلم الرسالة المتضمنة القبول فى عنوان المرسل إليه أى الموجب .
أما اتفاقية فيينا فقد حرصت على بيان الحالات التى يمكن القول فيها أن التعبير عن الإرادة وصل إلى الموجه إليه هذا التعبير ببيان الحالات الأربع التى أشرنا إليها فيما تقدم .
وقد غلبت اتفاقية فيينا نظرية وصول التعبير ، بينما يتنازع هذا الموضوع فى التشريعات الوطنية عدة نظريات نوجزها فيما يلى (33) . { صفحة 111}
(أ) نظرية إعلان القبول :
يعتبر العقد توافق إرادتين فمتى أعلن الطرف الآخر قبوله للإيجاب المعروض عليه ، فقد توافقت الإرادتان وتم العقد ، ويرى أنصار هذه النظرية أنها تلائم مقتضيات الحياة التجارية من وجوب السرعة فى التعامل .
على أنه يؤخذ على هذه النظرية أن الإرادة لا تنتج أثرها إلا من وقت العلم بها ، إذ قد يعدل من عبر عن إرادته عن هذا التعبير بعد صدوره .
(ب) نظرية تصدير القبول :
لا تختلف هذه النظرية عن النظرية السابقة كثيراً ، إذ ينتج القبول أثره بإعلانه على أن يكون هذا الإعلان نهائيا لا رجعة فيه ، ولا يكون كذلك إلا بإرسال القبول إلى الموجب .
ويؤخذ على هذه النظرية أن القبول المصدر يمكن استرداده لأن الخطاب المرسل ملك للمرسل حتى يتسلمه المرسل إليه .
(جـ) نظرية تسليم القبول :
لا يكون القبول نهائياً بتصديره لأنه يمكن استرداده وهو فى الطريق كما قدمنا ، وإنما يعتبر القبول نهائياً إذا وصل إلى الموجب ، ففى هذا الوقت يتم العقد سواء علم به الموجب أو لم يعلم ، على أن وصول القبول قرينة على العلم به .
(د) نظرية العلم بالقبول :
لا يكفى إعلان القبول بل يجب علم الموجب به ، ويعتبر وصول القبول قرينة على العلم به ولكنها قرينة قضائية يمكن الأخذ بها أو عدم الأخذ بها وهى قرينة قابلة لإثبات العكس فى جميع الأحوال . { صفحة 112 }
وهذه النظرية متفرعة عن النظرية السابقة فهى تشترط العلم وتعتبر وصول القبول قرينة عليه .
ويبدو أن القانون المصرى يأخذ بهذه النظرية إذ تنص المادة 91 مدنى على أنه :
" ينتج التعبير عن الإرادة أثره فى الوقت الذى يتصل فيه بعلم من وجه إليه . ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم به ما لم يقم الدليل على عكس ذلك " .
وقد رأينا أن اتفاقية فيينا قد أخذت بنظرية تسليم القبول أو تصديره ، وأن هذا التسليم لا يعنى حتما العلم بل يكفى أن يوجه القبول إلى الموجب شفاهه أو أن يسلم إلى الموجب سواء تم تسليمه إليه شخصيا ( وهنا يعتبر العلم مؤكداً ) أو يسلم إلى مركز أعماله أو إلى عنوانه البريدى أو محل إقامته المعتادة( وهنا يفترض العلم). {صفحة113}
الفرع الثانى
قواعد التفسير وإثبات العقد
81 – تمهيد :
تحكم اتفاقية فيينا سنة 1980 عقد البيع الدولى للبضائع ، لذلك ورد فى هذه الاتفاقية بعض النصوص التى تعالج تفسيرها ، كما تتعرض لتفسير إرادة المتعاقدين ثم لتفسير العقد الذى تحكمه الاتفاقية وطريقة إثباته ، وقد وردت هذه النصوص فى الفصل الثانى من القسم الأول تحت عنوان " أحكام عامة " .
ونلاحظ بداءة ، أن ما يرد فى الاتفاقية من نصوص تتعرض لتفسير أحكامها والأسس التى ينبغى أن يقوم عليها هذا التفسير ، إنما تتصل صلة وثيقة بتفسير عقد البيع الدولى الذى تحكمه الاتفاقية ، كذلك فإن وضع معيار لتفسير إرادة المتعاقدين قبل التعاقد إنما يستهدى به عند تفسير العقد .
ونعرض فى مبحثين على التوالى لقواعد التفسير ، ثم لإثبات عقد البيع الدولى للبضائع .
المبحث الأول
قواعد التفسير
82 – تفسير أحكام الاتفاقية :
تنص المادة 7 من اتفاقية فيينا فى فقرتها الأولى على أنه : " فى تفسير هذه الاتفاقية يؤخذ فى الاعتبار طبيعتها الدولية والحاجة إلى تحقيق التوحيد عند تطبيقها ، ومراعاة حسن النية فى التجارة الدولية " . { صفحة 114 }
ويقصد هذا النص تفادى الرجوع إلى القوانين الوطنية لتفسير أحكام اتفاقية فيينا ولتحقيق الهدف منها من بلوغ التوحيد ، لأن الرجوع إلى القوانين الوطنية عند عرض النزاع على المحاكم للدول المختلفة من شأنه أن يعطى تفسيراً مختلفاً لأحكام الاتفاقية . ويختلف بالتالى أسلوب تطبيقها من دولة إلى دولة ، الأمر الذى يخرج بالاتفاقية عن أهدافها وهى التوحيد الدولى المنشود لأحكام عقد بيع البضائع ، لذلك حرص نص المادة 7/1 من الاتفاقية على ضرورة مراعاة أسس ثلاثة عند تفسير أحكامها :
( أ ) الطبيعة الدولية للاتفاقية . وذلك حتى لاتتوسع المحاكم فى الرجوع إلى قوانينها الوطنية .
(ب) الحاجة إلى تحقيق التوحيد وهذا الأساس الذى ورد فى المادة 7/1 يحث بوضوح على التحرز عند تفسير الاتفاقية من الرجوع إلى أحكام القوانين الوطنية لأن من شأن هذا الرجوع ألا يتحقق توحيد قانون التجارة الدولية بشأن البيع الدولى للبضائع ، أما التمسك بهدف التوحيد فإن من شأنه أن يحصر المفسر لأحكام الاتفاقية فى نطاق نصوصها والأسس التى تقوم عليها .
(جـ) مراعاة حسن النية فى التجارة الدولية . ويقضى هذا المبدأ بأن يراعى عند تفسير الاتفاقية الأخذ بما يحقق مصلحة التجارة الدولية وما تتطلبه من أن يسود بين أطراف العلاقة التجارية الدولية مبدأ حسن النية . وتهدف الاتفاقية أيضا بإيراد هذا الأساس إلى تفادى لجوء المحاكم إلى الرجوع إلى قوانينها الوطنية عند تفسير أحكام الاتفاقية .
83 – القاعدة الواجبة التطبيق على المسائل التى أغفلت الاتفاقية تنظيمها :
تضمنت المادة 7/2 نصا يقضى بتحديد القاعدة التى تطبق على المسائل التى نظمتها الاتفاقية بالنص على أن : { صفحة 115 }
" المسائل المتعلقة بالموضوعات التى تحكمها هذه الاتفاقية ولا يوجد بشأنها نص صريح ، يقضى فيها وفقا للمبادئ العامة التى تقوم عليها ، وعند عدم وجود هذه المبادئ ، يقضى فيها وفقا للقانون الواجب التطبيق حسبما تشير قواعد القانون الدولى الخاص " .
ويعرض هذا النص للحالة التى يعرض فيها أمام المحاكم الوطنية نزاع يثير تطبيق الاتفاقية كالتزام البائع بتسليم بضاعة من النوع المتفق عليه بين طرفى عقد البيع ، فهذا الالتزام يدخل ضمن نطاق الاتفاقية ، فإذا طلب المشترى إبطال العقد على أساس الغلط فى صفة جوهرية للبضاعة محل البيع (34) ، فإن هذه المسألة لم تنظمها اتفاقية فيينا، ففى هذه الحالة يقضى فيها وفقا للمبادئ العامة التى تقوم عليها هذه الاتفاقية ، وهذه المبادئ وان لم ينص عليها صراحة فيها ، فمن اليسير أن نستخلصها من مجموع نصوص الاتفاقية ومن الأعمال التحضيرية لها ، والمناقشات التى دارت فى المؤتمرات الدولية التى تولت إعدادها ، ومنها الأخذ بمبدأ سلطان الإرادة ، ومراعاة التوازن بين التزامات طرفى البيع ، والنظر إلى صالح التجارة الدولية ، والتضييق من اجازة فسخ العقد عند الإخلال بأحد التزاماته (35) .
ويطابق نص المادة 7/2 من اتفاقية فيينا نص المادة 17 من القانون الموحد لاتفاقية لاهاى سنة 1964 ، إلا أن نص اتفاقية فيينا أضاف ما لم يتضمنه القانون الموحد وهو النص على تطبيق القانون الواجب التطبيق وفقا لقواعد الإسناد التى يحيل إليها القانون الدولى الخاص ، لذلك فإن اتفاقية فيينا تترك مجالا فى هذه الحالة لتطبيق الحلول الواردة فى القوانين الوطنية عند عدم استخلاص المبادئ العامة التى تقوم عليها اتفاقية فيينا . { صفحة 116 }
ويلاحظ أن المبادئ العامة التي تقوم عليها اتفاقية فيينا يمكن البحث عنها في النظم القانونية للدول المتعاقدة ، بحيث نستخلص المبادئ المشتركة لهذه النظم وتعتبر بمثابة قواعد عامة للاتفاقية .
__________________
محمد متولى
المحامى
بالاستئناف العالى ومجلس الدولة
0122701728
|
|
|