11/11/2007, 01:48 AM
|
#13
|
المؤسس والمشـــرف العــــام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 2
|
تاريخ التسجيل : Aug 2004
|
أخر زيارة : 30/07/2025 (06:02 AM)
|
المشاركات :
64,173 [
+
] |
التقييم : 16605
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
MMS ~
|
SMS ~
|
|
لوني المفضل : Maroon
|
|
الفصل الثانى
تكوين عقد البيع
64 – تمهيد :
رأينا فيما تقدم أن اتفاقية فيينا قد جمعت فى نصوصها بين الأحكام التى تتعلق بتكوين عقد البيع الدولى للبضائع ، والأحكام الموضوعية لهذا العقد وهما الموضوعان اللذان كانا ينظم كل منهما اتفاقية مستقلة من اتفاقيتى لاهاى سنة 1964 .
وقد تضمن القسم الثانى من الاتفاقية أحكام تكوين عقد البيع بينما نظم القسم الثالث الأحكام الموضوعية للعقد ، وأجازت المادة 92 من اتفاقية فيينا لكل دولة متعاقدة أن تلتزم فقط بأحد القسمين الثانى أو الثالث من الاتفاقية عند التوقيع أو التصديق أو الموافقة أو الانضمام إليها (1) .
ولم تعالج اتفاقية فيينا من قواعد تكوين عقد البيع سوى ركن الرضاء فلم تنظم ركنى السبب والمحل ، بل انها لم تعالج كل أحكام الرضاء ، إذ أنها أغفلت عمداً تنظيم عيوب الرضا لأنها من الأمور التى تختلف فيها التشريعات الوطنية واقتصر التنظيم الذى أتت به الاتفاقية على الإيجاب والقبول ، ذلك لأن اتفاقية فيينا اقتفت أثر اتفاقية لاهاى سنة 1964 بشأن تكوين عقد البيع الدولى وقد اكتفت هذه الاتفاقية الأخيرة أيضا بتنظيم جزء من ركن واحد من أركان العقد هو الرضاء ، ولم تتناول منه إلا الإيجاب والقبول ، فأهملت تنظيم { صفحة 85 } قواعد الأهلية والأحكام المتعلقة بعيوب الرضاء لصعوبة الوصول إلى التوحيد التشريعى فيها (2) .
ونلاحظ أن اتفاقية فيينا قد وردت فيها نصوص تتعلق بتفسير العقد وإثباته ضمن القواعد العامة للاتفاقية وقبل النصوص المنظمة لتكوين العقد . ولما كانت أحكام تفسير العقد وإثباته من الأمور التى تتصل بدراسة تكوين العقد ، فإننا سندرس هذه القواعد فى هذا الباب الذى يتعلق بتكوين عقد البيع ، بعد دراسة أحكام الإيجاب والقبول .
ونقسم دراستنا فى هذا الفصل إذن إلى فرعين ، نتناول فى الأول قواعد الإيجاب والقبول ، ونخصص الثانى لتفسير العقد وإثباته . { صفحة 86 }
الفرع الأول
الإيجاب والقبول
65 – تقديم وتقسيم :
ينعقد العقد بإيجاب وقبول يصدران عن طرفى العقد ، دون أن يشترط فى ذلك أن يصدر الإيجاب عن المشترى والقبول عن البائع أو العكس ، إذ العبرة باتصال القبول بالإيجاب الذى يوجهه أحد طرفى العقد إلى الطرف الآخر .
على أن الأمر لا يتم بهذه الصورة البسيطة فى نطاق عقد البيع الدولى ، لأن هذا العقد تسبقه عادة إما مفاوضات بين طرفى البيع ، أو معاملات سابقة بين الطرفين ، بحيث يعتبر سلوك الطرفين كافياً لانعقاد العقد دون حاجة إلى تميز أو تجسيد كل من الإيجاب والقبول .
ووفقاً لأحكام القانون الموحد لاتفاقية لاهاى سنة 1964 ، فإن الإيجاب والقبول لا ينتجان أثرهما إلا إذا وصلا إلى علم الطرف الآخر ، ويعتبر تسليم التعبير عن الإرادة إلى الطرف الذى وجه له بمثابة وصول هذا التعبير إلى الطرف الذى وجه إليه ، وما يصدق على الإيجاب والقبول ، يصدق أيضا فى القانون الموحد على الرجوع فيهما .
وقد عالجت اتفاقية فيينا أحكام الإيجاب والقبول بنصوص تتشابه فى مجموعها مع أحكام اتفاقية لاهاى سنة 1964 بشأن تكوين العقد (3) . وعالجت المواد من 14 إلى 17 من اتفاقية فيينا قواعد { صفحة 87 } الإيجاب offer ، ونظمت المواد من 18 إلى 22 أحكام القبول acceptance .
وندرس فى مبحثين على التوالى كل من الإيجاب والقبول وفقاً لاتفاقية فيينا . ثم نتكلم فى مبحث ثالث عن اقتران الإيجاب بالقبول .
المبحث الأول
الإيجاب
66 – تعريف الإيجاب :
تنص المادة 14 من اتفاقية فيينا فى فقرتها الأولى على أن الإيجاب يعتبر عرضاً محدداً بطريقة كافية ، ويعبر عن إرادة الموجب فى أن يلتزم فى حالة صدور القبول من الطرف الموجه إليه الإيجاب .
ويعنى هذا التعريف بأمرين ، الأول أن الإيجاب لابد أن يتضمن عرضا محددا من الطرف الذى يصدر عنه إلى الطرف الذى يوجه إليه ، أما الأمر الثانى فهو التعبير عن التزام الموجب بالبقاء على ايجابه متى صدر القبول من الطرف الذى وجه إليه الموجب إيجابه .
ويعتبر الإيجاب فى القانون المصرى تعبيراً عن إرادة الموجب ، يصدر بقصد إحداث أثر قانونى هو إنشاء الالتزام ، لذلك لا عبرة بالإرادة التى لم تتجه لإحداث أثر قانونى (4) .
وتعرف محكمة النقص المصرية الإيجاب بأنه : " العرض الذى يعبر به الشخص الصادر منه على وجه جازم عن إرادته فى إبرام عقد معين بحيث إذا اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد " (5) . { صفحة 88 }
والغالب أن يبدأ أحد المتعاقدين بالإيجاب يتلوه قبول المتعاقد الآخر ، ولكن ليس من الضرورى أن يأتى الإيجاب سابقاً على القبول ، فقد يتم العقد بتلاقى تعبيرين متعاصرين عن إرادتين متطابقتين .
67 – المفاوضات لا تعتبر إيجابا :
تعتبر المفاوضات فى بعض العقود ، لا سيما فى عقد البيع ، هى المرحلة السابقة على التعاقد ، ولا يصدر عن أحد المتعاقدين إيجابا نهائيا إلا بعد مفاوضات مع الطرف الآخر، فالإيجاب إذن هو نتيجة المفاوضات .
ولا يرتب القانون بحسب الأصل ، على المفاوضات ، أى أثر قانونى ، إذ من حق المتفاوض أن يقطع المفاوضة فى أى وقت ، ولا مسئولية عليه فى هذا المسلك إلا إذا اقترن العدول عن التفاوض بخطأ ممن قطع المفاوضات وتعد المسئولية هنا تقصيرية أساسها الخطأ وليست تعاقدية ترتكز على العدول عن التفاوض . وعلى من يدعى الضرر من العدول أن يثبت خطأ المتفاوض فى قطع المفاوضات (6) .
وقضت محكمة النقض المصرية بأن المفاوضات ليست إلا عملاً مادياً ولا يترتب عليها بذاتها أى أثر قانونى ، فكل متفاوض حر فى قطع المفاوضة فى الوقت الذى يريد دون أن يتعرض لأية مسئولية أو يطالب ببيان المبرر لعدوله ، ولا يرتب هذا العدول مسئولية على من عدل إلا إذا اقترن به خطأ تتحقق معه المسئولية التقصيرية ، ولا يعد مجرد العدول عن إتمام المفاوضة فى ذاته خطأ ، فلابد أن يثبت الخطأ من وقائع أخرى اقترنت بهذا العدول (7) .{ صفحة 89 }
وقد تنتهى المفاوضات إما إلى إيجاب معلق أو إيجاب نهائى ، فالإيجاب المعلق على شرط هو إيجاب لا مفاوضة ، ولكنه لا ينعقد إلا إذا تحقق الشرط الذى علق عليه ، كما لو عرض شخص التعاقد بثمن معين مع الاحتفاظ بحقه فى تعديل الثمن طبقاً لتغير الأسعار ، فالإيجاب هنا معلق على شرط عدم تغير الأسعار (8) .
وإذا خرج الإيجاب من دور المفاوضة ودور التعليق ، أصبح إيجابا نهائيا . ويعد تقرير ما إذا كان الإيجاب قد وصل إلى هذا الدور من مسائل الواقع لا من مسائل القانون فيفصل فيه قاضى الموضوع طبقاً لظروف كل حالة (9) .
68 – التفرقة بين الإيجاب والدعوة إلى الإيجاب :
تقضى الفقرة الثانية من المادة 14 من اتفاقية فيينا ، بأن توجيه العرض إلى مجموعة غير محددة من الأشخاص يعتبر مجرد دعوة إلى توجيه إيجاب أى مجرد دعوة إلى التعاقد ، ما لم يتبين أن الموجب قد أفصح بوضوح عن العكس ، أى ما لم يكن الموجب قد قرر صراحة أن يوجه إيجابا إلى الجمهور (10 ) .
ويعالج هذا النص الحالة التى يوجه فيها شخص دعوة إلى الجمهور للتعاقد ، وفى هذا الصدد يجب أن نفرق بين توجيه الإيجاب { صفحة 90 } إلى الجمهور ودعوة الجمهور إلى التعاقد أو إلى تقديم ايجاب للتعاقد ، فالإيجاب الموجه إلى الجمهور يحدث عندما تعرض البضائع على الجمهور من البائع مع تحديد ثمنها ، أما النشر والإعلان وبيان الأسعار الجارى التعامل بها وكل بيان آخر متعلق بعروض أو طلبات موجهة للجمهور أو للأفراد فلا يعتبر عند الشك ايجابا وإنما يكون دعوة إلى التفاوض ، وكان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى المصرى يشتمل على نص صريح فى هذا المعنى هو نص المادة 134 ، وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة لعدم الحاجة إليه ، إذ يسهل على القضاء تطبيق هذا الحكم دون نص عليه (11) .
ويعنى ما تقدم أن الإيجاب يختلف عن الدعوة إلى التعاقد والأمر يتوقف على مضمون التعبير عن الإرادة ، فإذا قام التاجر بعرض بضائعه على الجمهور مع بيان أسعارها فإن هذا يعد بلا شك إيجابا صريحاً موجها إلى الجمهور ، أما مجرد الإعلان عن السلعة حتى مع بيان سعرها فإنه يعد دعوة إلى التعاقد وليس إيجاباً ما لم يتبين صراحة أن التاجر قصد توجيه إيجاب صريح إلى الجمهور .
69 – متى ينتج الإيجاب أثره ؟ :
رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 14 من اتفاقية فيينا تقضى بأن العرض المقدم لإبرام عقد والموجه إلى شخص أو أشخاص معينين يعتبر ايجابا ، إذا كان العرض محددا بطريقة كافية ويعبر عن إرادة الموجب فى أن يلتزم فى حالة صدور القبول من الطرف الموجه إليه الإيجاب ، وتضيف هذه الفقرة بيانا بالمقصود بالعرض المحدد بطريقة كافية ، فهو العرض الذى يعين البضائع التى ستكون محلاً للبيع ، والذى يحدد صراحة أو ضمنا الكمية والثمن أو ينص على طريقة تحديد الكمية والثمن .{ صفحة 91 }
__________________
محمد متولى
المحامى
بالاستئناف العالى ومجلس الدولة
0122701728
|
|
|