عرض مشاركة واحدة
قديم 11/01/2020, 02:49 AM   #8
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2
 تاريخ التسجيل :  Aug 2004
 أخر زيارة : 10/06/2025 (02:09 AM)
 المشاركات : 64,163 [ + ]
 التقييم :  16605
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
لوني المفضل : Maroon
افتراضي



يقــول محــمد ملاسـي من رضي ما غبن =
لا تعــذلون العــرب كــلاً برشـــده يعيـش =
مشيت في الأرض ماشي مثل حـزن الصدر =
يطـــلـع فــواكـه و فـيـدتـها لغـيـر أهلـــها=



الــرد=



فـي شــارع المـدعــى لامـرّ ضي ما غبن=
يعـيونه الحضر واللي فالبر أشده يعي ايش =
يا كـل محـزون ما صـيّرت حــزن الصـَدر =
يـا كـم قـلـوبـاً عـيال إبليس غـيـره لـهــا=

برواية [ محمد عبد الله أبو عالي ، واحمد الثابت ، وعبد الله رمزي ]

لك الله ياملاسي في هذه القصيدة الحكمة التي تغنى الناس بها كثيرا ، وسارت مع الركبان حيث الحداة والقوافل ، وحيث تملكت الأشجان والعواطف والقلوب وتمكنت من سويداءها ، القصيدة الأكثر شعبية ، والقصيدة مضرب المثل ، والقصيدة التي حرفت وعدلت وبدلت كلماتها ، والقصيدة التي حيكت بأسلوب { السهل الممتنع } ، والقصيدة – الملاسية بدعا وردا - والتي نسبت إلى الكثيرين ، ومع ذلك لم ينقص كل ذلك من قيمتها شئ ولم ينسها الناس ولم تخنهم الذاكرة لحظة استحضارها للتغني بها ، القصيدة التي تسنمت قمتها كلمتان ( من رضي ماغبن ، حـــزن الصـدر ) الكلمتان الحاضرتان والمشرقتان على أنحاء القصيدة كشروق الشمس على الكون والتي أمسى شعاعها كشعاع القمر لحظة توسطه كبد السماء في ليلة صيف . القصيدة التي حبكها صاحبها على إيقاع حرف الياء أخر حروف العربية وحرف الحرقة والندبة والنداء ووشاها بحرفي التوأم العين والغين فغدت القصيدة مع عين الشمس في شروقها وغروبها ومع العصافير في غدوها ورواحها .

و في هذه القصيدة نرى ودون مقدمات ولا فذلكة كيف يلقي محمد ملاسي - عليه رحمة الله - بالحقيقة على بساط التلقي وهو يستهل قصيدته قائلاً : [ من رضي ما غبــن ] ولأن الرضا كما يقرره الواقع [ ســيد الأحكام ] وهو الاختيار والقبول وعدم الإكراه ، والتراضي هو التوافق .

أمــا الغـبن : فهو بخلاف الرضا فصاحبه هو الخاسر الذي ذهب ماله وعقله وربما خسرهما معــا[poem= font="Simplified Arabic,5,black,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/6.gif" border="groove,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]

وقد تحدث عن الرضا إبراهيم الطباطبائي فقال :=

وعين الرضا عن كل عيب كليلة = كما إنَ عين السخط تبدي المسا ويا

وقال أيضــاً :=

يريك الرضا وجهي وقلبيَ ساخط = تحمَّل مالا فيك يحمله رضوى

أما ابن الصباغ فقد سكب الرضا كعطر المساء وقال :=

إذا هبّ من روض الرضا عرف نفحةٍ = تمايل فاهتزت معاطفهُ رقصا


وتحدث ابن الرومي عن الرضا والغضب معــاً فقال :=

الأوفياءُ إذا ما معشرٌ نَكَثُوا = والجاعلون الرضا للَّه و الغضبا


ثم جمع بينهما وهو الخبير فقال :=

قد كنت تعرفُ مني في الرضا رجلاً = حلو المذاقةِ فاعرفني لدى الغضبِ

أمّــا الغبينة :

فهي تعني الخديعة وحين يقال غَبِيَ الشئ عن فلان ، خفي عليه فلم يعرفه
وغبنت رأيك أي نسيته وضيعته وغبن الشيء نسيه وأغفله وجهله

قال قيس بن ذريح =
كمغبون يعض على يديه = تبين غبنه بعد البياع

والرشـد :

في أسماء الله تعالى : الرشيد وهو الذي أرشد الخلق إلى مصالحهم أي هداهم ودلهم عليها
و الرشد و الرشاد نقيض الغي ورشيد هو نقيض الضلال إذا أصاب وجه الأمر والطريق و أرشده الله هداه
ويقال : استرشد فلان لأمره إذا اهتدى له و إرشاد الضال أي هدايته الطريق وتعريفه

أشَــدَهَ : =

فلان شده شدها ويقال شُدٍهَ : دهش بالأمر وتحير وأشْدَهَهُ : أدهشه

حــزن :

اغتم وانكسر والحزن نقيض الفرح و عام الحزن العام الذي ماتت فيه خديجة رضي الله عنها وأبو طالب فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحزن
قال الله عزوجل ( وابيضت عيناه من الحزن )
وقال عزوجل في موضع آخر ( تفيض من الدمع حزنا )
وقال ( أشكوا بثي و حزني إلى الله )
( ولا يحزنك قولهم )
وكذلك قوله ( قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون )
وقوله تعالى ( وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن )

تلك كانت معاني كلمات تضمنتها قصيدة ملاسي في البدع والرد فأي قصيدة جمعت حواشيها
كلمات متضادة (( الرضا والغبن والرشد ، الضي ، الغابي ، وحزن الصدر )) وأي معاني متناقضة ومتآلفة حوتها هذه القصيدة التي - كما ذكرت - عدلها الرواة وحرفوها وزادوها وأنقصوها فالبيت الثاني حـُرِّفَت فيه [ لا تعذلون العرب ] إلى [ لا تنصحون العرب ] حتى صرخ الشاعر ذات يوم قائلاً لأحد الرواة : من يمنع النصيحة بين المسلمين ..؟؟
فقال له محدثه أنـــــت ....!! قال : كلا فأنا قلت لا تعذلون ولم أمنع النصيحة وهي سنة سار عليها الرواة في كثير من قصائده فعدلت واستبدلت بها كلمات كمثل لا تعذلون إلى لا تنصحون و في قصيدته [ الضمانة ] استبدلت كلمة [ صـُفـّه قبيحة ] بكلمة [ فلانة ... قبيحة ] وما ذلك إلا لما يتميز به شعره رحمه الله من سهولة الألفاظ وقربها من استخدام الناس ومشاعرهم وهمومهم اليومية

وينطلق ملاسي في قصيدته هذه بالقول المشهور والافتتاحية السهلة المعهودة والبصمة الأقدم
[ يقــــل ]
وهذه الإســتهلالة من المستحيل أن تجد شــاعرا جنوبيا لم يقلهـــا فهم جميعا قد استساغوا واستيسروا هذه الكلمة وختموا - وضعوا عليها ختمهم - بها جلً قصائدهم وقد سعت في حفظ حقوق كثير من قصائدهم من أن يُعتدى عليها أو تنسب لغيرهم وسهلت للحفاظ صحة نسبتها لقائلها .
ويؤكد ملاسي أن الرضا والغبن نقيضــان لا يجتمعان فلا يقرب الغبن ممن رضي ألم يقل جار الله الفقيه الزهراني في قصيدته المشهورة
[poem= font="Simplified Arabic,4,black,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/2.gif" border="none,4,gray" type=3 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
والناس ما ينفعــون اللي رضي فيه ربـه=
يستاهل اللي على بيت الحنش ياهب إيده =

وطالما أن الإنسان قد اتخذ القرار بنفسه برضاه واختياره فلم اللوم ولم العذل ..؟؟
وابن زريق البغدادي قد نبه إلى نتائج العذل فقال :=

[poem= font="Simplified Arabic,4,white,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/3.gif" border="solid,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ = قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ

وكذاك الهمداني قد صرخ ونهى :

لا تعذليه إن تألّمَ واشتكى = وأعَذُرْ فَحُقّ لمثِله أن يُعذرا

وكذلك محمد ملاسي قد اصطف معهما في نفس الصف وقالها :=

لا تعذلون العرب كلا برشده يعيش =

إنها دعوة مفتوحة ولمـّا يغلقهـــا الزمن بعــــد
دعوا الناس يعيشون وفق تفكيرهم وما تمليه عليهم عقولهم ولا تحجرون عليهم فهم ( أحـــرار ) فيما يتخذون من قرارات طالما أنها بمحض إرادتهم واختيارهم .
ثم يأتي ختام البدع معبأ بالشجن ومعبأ بالغبن ومعبأ بالأحزان فيقول :

[poem= font="Simplified Arabic,5,black,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/8.gif" border="ridge,4,gray" type=3 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
مشيت فالارض ماشي مثل حزن الصدر =
يطلع فواكه وفيدتها لغير أهلها =

فأي حزن هذا الذي يقدمه ملاسي وأي قرار اتخذه أهل ( حزن الصدر ) – فرع لقريتي الجبل والرماده في منتصف منحدرات السراة المطلة على سهول تهامة - بإنتاج فواكه لا يأكلونها بل يقدمونها للآخرين ( هدية في زنبيل )

ثم يأتي الرد
[poem= font="Simplified Arabic,5,black,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=3 line=0 align=center use=ex num="0,black"]

فـي شــارع المـدعــى لامـرّ ضي ما غبن =
يعـيونه الحضر واللي فالبر أشده يعي ايش =
يا كـل محـزون ما صـيّرت حــزن الصـَدر =
يـا كـم قـلـوبـاً عـيال إبليس غـيـره لـهــا =

يأتي الرد مفعما بالحيوية مفعماً بالشجن ومملوءاً أسـاً وحزنا وكما ضرب الشاعر المثل في البدع يضربه في الرد ليبين بعض الأحوال
فهناك في ( المدعى ) الشارع ، يتضح الأمر جليا عندما يمر ( ضوء ) فإنه بالتأكيد لن يخفى ولا يستطيع أحد أن ( يغبيه ) يخفيه حين مروره ، وأهل مكة أدرى بأضوائها بخلاف أهل البادية الذين ماتعودوا على الأضواء وما عايشوها فتدهشهم وتبهرهم وتعشى بها أبصارهم
والنور الذي يعبر شارع المدعى كناية عن شئ جميل يمر أمام الناس يرونه ويشاهدون ضوءه فيبهر البعض وهم جاهلون به وله منكرون ويعرفه آخرون .
وكما جزأ القصيدة في البدع إلى جزأين كل جزء مكون من بيتين كذلك يفعل في الرد فيأتي الجزء الثاني والأخير في قصيدة الرد
[poem= font="Simplified Arabic,5,black,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/8.gif" border="outset,4,gray" type=3 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يا كـل محـزون ما صـيّرت حــزن الصـَدر =
يـا كـم قـلـوبـاً عـيال إبليس غـيـره لـهــا =

ليطرح على كل ذي حزن ســؤال عميق وكبير - بصيغة الاستفهام الاستنكاري - هل عرفت الحزن العميق القابع في أعماق الصدر .؟
وكأنه يقول له إن لم تجربه فما عرفت الحزن الحقيقي ولا تجرعت مرارته
لأنه
حزن عميق
حزن توسد سويداء القلب
حزن لم يُترك صاحبه وشــأنه
حزن عبث به العابثون
حزن كان لمن تولاهم الشيطان غارات عليه
فاجتمع الحزن والمكر والكيد على هدف واحد
ومع ذلك لم يقدر حجم وقع ذلك الحزن وإيلامه إلا شاعر الحزن محمد ملاسي رحمه الله رحمة واسعة


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس