عرض مشاركة واحدة
قديم 19/06/2007, 08:55 PM   #2


رحاب الرحمن âيه ôîًَىà

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5380
 تاريخ التسجيل :  Dec 2006
 أخر زيارة : 08/05/2012 (02:57 AM)
 المشاركات : 5,918 [ + ]
 التقييم :  660
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



ونجد هنا أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قد أدرك هذه الحقيقة تمام الإدراك ووجه الدعاة إلى الله إليها بكل جلاء ووضوح، فهو يوجههم نحو طهارة الباطن قبل طهارة الظاهر ويوجههم إلى ابتغاء وجه الله تعالى من عملهم الدعوى وليس ابتغاء وجه الناس، حتى إذا تأثر الناس بهم تأثروا بطهارة باطنهم ونقاوة سريرتهم وشفافية شخصياتهم وسبحان الله فإن الداعية الذي اتصف بذلك لهو الداعية الذي تجتمع الناس حوله ويتأثرون بقوله وفعله، بل كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ يحذرهم من الذين يعاملون الناس بوجه ظاهر حسن وقلوبهم خبيثة منكرة، فقال _صلى الله عليه وسلم_ فيما رواه مسلم: "إن من أهل النار من تندلق أقتاب بطنه يدور بها كما يدور الحمار برحاه فيجتمع إليه أهل النار فيقولون له: يا فلان ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه"، فهذا لا أثر لفعله في الناس إذ إن فعله الظاهر قد خرج من باطن خبيث فكان مآله كباطنه ولم ينفعه ظاهره شيئاً.

وهنا سقطة قد يقع فيها الدعاة إلى الله فهو قد يجد قبولا عند الناس فيعبرون له عن محبتهم له بالهبات والخدمات والدعوات وقبول الداعية لمثل ذلك يحط من دعوته في أنظار الناس فيهون عليهم ويصبح الداعية مرغوبا عنه، والصادقون من الدعاة إلى الله يعطون ولا يأخذون وهم أصحاب الأيدي العالية والنفوس الكبيرة يقول الماوردي: "والمروءة هي حلية النفوس وزينة الهمم ولا تكون المروءة إلا بالعفة والنزاهة والصيانة والعفة البعد عن المحارم والمآثم والنزاهة البعد عن المطامع الذاتية والمواقف المريبة وأما الصيانة فتكون بصيانة النفس عن تحمل المنن والاسترسال في الاستعانة بالخلق" أدب الدنيا والدين.

وأما القانون الثاني: فهو أن التأثر إنما يكون من العالي إلى المنخفض وهو يشير إلى أن التأثر غالبا ما يكون من الشخص ذي القيمة والمقدار والعلم والخبرة، في الآخر الذي هو أقل، سواء كان ما يؤثر به معنويا أو ماديا، وينطبق هذا القانون على تقليد الصغير للكبير وتقليد الضعيف للقوى وتقليد الفقير للغني والتلميذ للأستاذ والتاجر الصغير للتاجر الكبير فمن هنا حرص الإسلام على عدة جوانب هامة في فن التأثير في الآخرين، فقد حرص على أن يتمتع الدعاة إلى الله بالعلم وأمر بالعلم حتى يؤثر الداعية في غيره فلابد أن يعلوه بالعلم الذي يعلمه إياه أما الداعية إن كان جاهلا فلم يستطيع التأثير في غيره، كما حرص الإسلام على تميز الداعية بالصبر والثبات إذ إن الناس يفتقدون الصبر والثبات في بداية طريقهم وصبر الداعية وثباته له أكبر الأثر في غيره ليقتدوا به، كذلك حرص الإسلام على تميز الداعية بالورع والقرب إلى الله سبحانه وجعله له ركنا ركينا يستند عليه، وقد يعلم الداعية بإيمانه ويقينه وورعه من فاقه علما وخبرة في بعض الأحيان قال الإمام أحمد رحمه الله: لقيني في طريقي إلى السجن أعرابي فأوقف الدابة، وقال: يا أحمد إن تعش، تعش حميداً، أو تمت، تمت شهيداً، قال الإمام أحمد: فقوي قلبي... والله الهادي إلى سواء السبيل.


 

رد مع اقتباس