ولم تكن النظم التربوية، بصفة عامة، بمنأى عن تأثيرات عصر اقتصاد المعرفة، بل ربما كان ميدان التربية من أكثر الميادين تأثرًا بعصر اقتصاد المعرفة؛ إذ إن التربية بمؤسساتها هي مسرح تلقي المعرفة ونموها وتحليلها والربط بينها وبين تطبيقاتها المختلفة.
ومن هنا كان على النظم التربوية أن تديم النظر في مجال إعداد الأفراد وبناء مهاراتهم لمواكبة التغيرات بل ومبادأتها، والمعلم باعتباره الركيزة الأساسية الحاسمة في مدى نجاح جهود عملية التربية في تشكيل اتجاهات الأفراد ونظرتهم إلى الحياة، يأتي في موضع القلب من منظومة العناصر المتفاعلة في عملية التربية. ومن هنا يأتي التسابق المحموم على تطوير النظم التربوية بصورة شاملة لمواكبة التغيرات والتسارعات التي يشهدها هذا القرن.
وعند الحديث عن دور النظام التربوي في إعداد الأفراد لمجتمع المعرفة، نجد أن التعليم العام يحتل قلب النظام التعليمي أينما وجد، كما أن مؤسسات التعليم تشكل عنصرًا رئيسًا في أي نظام تعليمي.
إن التعليم العام هو الذي يبدأ بتشكيل عقول المتعلمين وتوجيه اهتماماتهم، بل هو الذي يحفز الإلهام لديهم، فهو الذي يرسي القواعد المتينة للانطلاق نحو مجتمع المعرفة؛ فإذا ما استطاع أن يكون المنتج الأول للمعرفة فإن هذا يُعدُّ مؤشرًا لتحسين التعليم. وبناءً على ذلك كله؛ يمكن القول إن مؤسساتنا التعليمية هي التي ستقرر مستقبلنا، لذا لا نبالغ إن قلنا إن التحوّل نحو مجتمع المعرفة يجب أن ينطلق من إصلاح النظام التعليمي على وجه الخصوص.
|