الصلاة ... الصلاة
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذيِنَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ﴾.
إذا
داهمك الخوف وطوَّقك الحزن , وأخذ الهم بتلابيبك ,
فقم حالاً إلى الصلاة , تَبُث لك روحك , وتطمئن نفسك ,
إن الصلاة كفيلة – بإذن الله – باجتياح مستعمرات الأحزان
والغموم , ومطاردة فلول الاكتئاب .
كان صلى الله عليه وسلم إذا حزَبَه أمرٌ قال: « أرحنا بالصلاة يا بلال » فكانت قرة عينه وسعادته وبهجته .
وقد طالعت سير قوم أفذاذ كانت إذا ضاقت بهم الضوائق ,
وكشرت في وجوههم الخطوب , فزعوا إلى صلاة خاشعة ,
فتعود لهم قواهم وإراداتهم وهممهم .
إن صلاة الخوف فرضت لتؤدي في ساعة الرعب , يوم تتطاير الجماجم , وتسيل النفوس على شفرات السيوف ,
فإذا أعظم تثبيت وأجل سكينة صلاة خاشعة .
إن على الجيل الذي عصفت به الأمراض النفسية أن يتعرّف على المسجد , وأن يمرّغ جبينه ليرضى ربَّه أوَّلاً , ولينقذ
نفسه من هذا العذاب الواصب , وإلاَّ فإن الدمع سوف يحرق جفنه , والحزن سوف يحطم أعصابه , وليس لديه طاقه تمدّه
بالسكينة والأمن إلاَّ الصلاة .
من أعظم النعم – لو كنا نعقل – هذه الصلوات الخمس كل يوم وليلة كفارة لذنوبنا , رفعه لدرجاتنا عند ربنا , ثم هي علاج
عظيم لمآسينا , ودواء ناجع لأمراضنا , تسكب ضمائرنا مقادير زاكية من اليقين , وتملأ جوانحنا بالرِّضا . أما أولئك الذين
جانبوا المسجد , وتركوا الصلاة , فمن نكد إلى نكد ,
ومن حزن إلى حزن , ومن شقاء إلى شقاء ﴿ فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَاَلهُمْ ﴾.
عائض القرني
كتاب لا تحزن