الشيخ حافظ وهبة (2)
« الشيخ حافظ وهبة » سفير المملكة العربية السعودية في لندن أقدم رجال السلك السياسي العربي السعودي ، فقد عين في منصبه هذا منذ نوفمبر سنة 1930م.
وهو من رفاق الجهاد الأول لأسد الجزيرة . ولذلك ينزله جلالته في قلبه منزلة الأخ الشقيق الحبيب ، ويودعه ثقته وسره.
وقد برز الشيخ حافظ وهبة طوال حياته الديبلوماسية في لندن بروزًا أعلى به كلمة الجزيرة العربية في المحافل الدولية ، وقدمه إلى الصفوف الأولى بين صفوة الديبلوماسيين الدوليين .
ولم يسعدني الحظ بلقاء سعادته في بلاده عندما زرتها في صيف العام الماضي ، أو في لندن عندما زرتها في الشتاء الذي تلاه ، ولكنني سمعت عنه الكثير في جميع أرجاء الجزيرة العربية ومدنها ، وسمعت عنه أكثر في النادي المصري بلندن . كيف يبدو في الحفلات الرسمية محافظًا على دين الإسلام وتقاليده ، وكيف يبرز في المؤتمرات والجمعيات الدولية فيعلي كلمة العرب، ويغلبها على الآراء التي تصارعها وتصطدم بها،وكيف يعيش في العاصمة الكبيرة مثلاً أعلى في بيته ، وفي كل عمل يأتيه ،وكل خطوة يخطوها في حياته العامة أو الخاصة .
سمعت كل هذا ورأيت رأي العين مصداق ما سمعت ، عندما التقيت به وعرفته في مصر في فندق سمرأميس ، وهو مار بها في طريقه من الرياض إلى لندن ، فبهرتني شخصية الرجل الجبارة العملاقة ، وتبينت صدق ما وعيته من أسرار ومظاهر عظمتها وتفوقها.
وفي مصر .. في الدوائر الحكومية .. وفي أندية الناس ومجتمعاتهم تسمع الكثير عن الشيخ حافظ وهبة ،فله في كل مكان أصدقاء ، وفي كل مكان يترك أثرًا باقيًا وذكرى عاطرة.
عبدالله الفضل .. وفوزان السابق
شيخان كريمان من دوحتين طيبتين ذكيتين من شجر الجزيرة العربية العطر الذكي.
وسعادة الشيخ عبدالله محمد الفضل هو صهر الشيخ عبدالله إبراهيم الفضل وزير المملكة العربية السعودية المفوض في مصر.
وكان يشتغل بالتجارة وقت أن بدأ جلالة ابن سعود جهاده.وانضم إلى صفوف جلالته وقت حصاره لجدة . ولما استتب الأمر لجلالته انتخب سعادته رئيسًا ثانيًا لمجلس الشورى ، ثم عين مساعدًا للأمير فيصل في النيابة العامة ، وعضوًا في مجلس الوكلاء.
ومنذ خمسة أعوام مرض الشيخ عبدالله مرضًا شديدًا استدعى مجيئه إلى مصر للعلاج ، فأقام في دار بشارع الهرم ، وما زال تحت العلاج ، وبالنسبة لحالة مرضه تفضل جلالة الملك عبدالعزيز وأعفاه من أعباء العمل في منصبه.
أما الشيخ فوزان السابق فهو أول وزير مفوض لبلاده في مصر ، وقد أحب مصر وأحبته مصر وأهلها، فلما أقعده السن عن مواصلة تحمل أعباء منصبة آثر الإقامة في مصر ، وأبدى هذه الرغبة لحضرة صاحب الجلالة الملك عبدالعزيز آل سعود،فاعتمدها جلالته ،وتفضل فمنح الشيخ الفوزان دار المفوضية في شارع محمد سعيد بالإنشاء لتكون بيتًا له .
وقد تجاوز الشيخ فوزان المائة من عمره ــ فهو من المعمرين ــ ومع ذلك تلقاه فتلقى فيه نشاط الشباب وجده ودأبه(3).
الشيخ إبراهيم السليمان
رئيس ديوان حضرة صاحب السموالملكي الأمير فيصل النائب العام لجلالة الملك المعظم .
والشيخ إبراهيم السليمان في الوقت نفسه عضو مجلس الوكلاء ، والسكرتير الخاص لسمو الأمير فيصل ، وهو حائز على منصب وزير مفوض، وعضو وفد المملكة العربية السعودية في هيئة الأمم المتحدة.
والشيخ إبراهيم السليمان في عمله مثال الموظف الكفء النادر ، شعلة نشاط لا تهدأ ولا تكل ، ومادام منوطًا به عمل فلا يتذوق للراحة طعمًا حتى يتمه.
وقد عرفته أول ما عرفته في فندق سمير أميس حيث كان ينزل سمو الأمير فيصل في مطلع ربيع عام 1951م ،على رأس وفد المملكة العربية السعودية في اجتماعات مجلس الجامعة العربية واللجنة السياسية ، ويوم ذهبت لأزور الأمير العظيم ، فرأيت فيه لمحات وصورًا منعكسة من شخصية الفيصل الفذة،وأدركت منذ رأيته أنه عرف كيف يقتبس عن أميره من جماع فضائله وحميد سجاياه.
ثم زرت الشيخ إبراهيم السليمان في داره الجميلة بالهرم ، وجلست معه في حديقتها الفيحاء الغناء ، وتحدثنا شتى الأحاديث، فأسرني بعلمه الفياض وأدبه الجياش ، وأكبرت فيه فوق ما أكبرت رعايته لأفراد أسرته الأقربين والبعيدين ، وعنايته واهتمامه بتعليمهم حتى غاية درجات التعليم ، وأذكر من حديث قوله لي :
ــ لم يعد الزمان زماننا .. سلاح اليوم هو العلم .. ويجب علينا أن نسلح شبابنا به قبل أن نسلحهم بالبندقية .. نسلحهم بسلاح البناء قبل سلاح الدمار.
إنه رجل فاضل كامل ، ومن يعمل في خدمة الفيصل لابد أن يكون فاضلاً وكاملاً.
إبراهيم الشورى (4)
هذا الرجل من الرجال القلائل الذين يعملون في صمت دون أن يثيروا حولهم ضجة أو دعاية .. رجل تقلب في عدة وظائف لها جلالها وخطرها وميزتها ومغرياتها في المملكة العربية السعودية ،فلم يستغل المركز لمصلحة شخصية أو هوى لنفسه ، وترك كلاًّ منها وقد أدى واجبه فيها كأرفع وأتم ما يؤدى الواجب ، وترك عند الحكومة والشعب الثناء العاطر والذكرى الطيبة المقيمة.
تخرج إبراهيم الشورى في دار العلوم بمصر . والتحق بخدمة الحكومة السعودية منتدبًا من وزارة المعارف المصرية في سنة 1928م ، فعين مفتشًا بالمعارف السعودية ثم مديرًا للمعهد الإسلامي السعودي ، ثم وكيلاً للمعارف العامة .. ولما أنشأت الحكومة السعودية لأول مرة « إدارة الداعية » في سنة 1355هـ اختير إبراهيم الشورى مديرًا لها .. وفي سنة 1364هـ عين معاونًا أول للمعارف العامة .. وقضى سنة في هذا المنصب ، ثم عاد إلى منصبه في إمارة الظهران .. وبقي هناك حتى عين مديرًا للإذاعة السعودية.
وقد كسب في جميع هذه الوظائف رضا أسد الجزيرة وثقة حكومته ، وتعلق الناس به وتقديرهم الطيب لعمله وإشادتهم به.
وقد اعتزل إبراهيم الشورى الوظائف في المملكة العربية السعودية ، ويقيم الآن في مصر ، ولكنه لا يركن إلى التقاعد والبطالة ، بل دفعه حب العمل والجهاد المتأصل في نفسه بالغريزة إلى قيامه بمهمة من أخطر المهام وأثقلها بالتبعات ، هي مهمة إدارة « المكتب العربي السعودي » في مصر الذي يهدف إلى تحسين العلاقات الاقتصادية والثقافية بين المملكة العربية السعودية ومصر بكل وسيلة من الوسائل .. عمل من الأعمال التي يحذقها إبراهيم الشورى منذ كان مديرًا للدعاية العربية السعودية.
السيد محمود آبار
أول ما تلقاه تطالعك في وجهة نضارة مشرقة . وتقرأ في ملامحه آيات ذكائه وحنكته ولباقته . وترى من تصرفاته معك مبلغ ما ينطوي عليه خلقه من نبل وكرم وأدب وتواضع جم .. هذا هو « السيد محمود أبار » رئيس كتاب النيابة.
والسيد محمود أبار من أقدم موظفي الحكومة السعودية ، وقد عرف طوال سنين بعيدة ناهضًا بعمله في ديوان نائب جلالة الملك المعظم بكفاءة نادرة وعزم وطيد، ومثابرة هي مضرب المثل . وقد برز في جميع ما تولاه من أعمال مما جعله موضع تقدير رؤسائه وجميع الذين قدر لهم أن يتصلوا به، سواء كان اتصال عمل أو اتصال صداقة ومودة.
وسر نجاح السيد محمود أبار وتوفيقه أنه قد وهب ذكاء فطريًا وقادًا ، وأنه قد مارس الأعمال الحكومية عهدًا طويلاً فأقبل عليها بحزم وإخلاص وعرف كيف يوجهها ، وعرف كيف يستفيد من التجارب التي تصادفه في حياته . وإذا ما سألته عن سر نجاحه كان جوابه الذي لا يتغير :
ــ إنني مدين بنجاحي لله تعالي ، ثم لخدمتي لسمو الأمير فيصل العظيم ، فقد استفدت من قربه وملازمته دروسًا أي دروس ومعرفة أي معرفة.
عائلة زينل
النهضة العلمية في المملكة العربية السعودية مدينة لمدرستين أهليتين «مدرسة الفلاح بمكة» ،و «مدرسة الفلاح بجدة» ،وعمر هاتين المدرستين خمسون سنةً، وقد أسسهما «الحاج محمد علي زينل »(5) تاجر اللؤلؤ ؛ وهو حجازي الأصل ويقيم بالهند .ويعود إلى هاتين المدرستين الفضل في تخريج النخبة الصالحة من المعلمين الموجودين الآن في المملكة العربية السعودية والذين بيدهم مقاليد الأمور ، والذين يحملون لواء النهضة الأدبية في البلد . ولا تزال هاتان المدرستان تؤديان رسالتهما، والتعليم فيهما مجاني ينفق عليه مؤسسهما، وفيهما ثلاثة أقسام : ابتدائي ، وثانوي ، وتوجيهي . ويبلغ عدد طلبتهما الآن في مكة وجدة 4000 طالب . ومدير مدرسة مكة مرب سعودي عالم فاضل ،هو « الأستاذ السيد إسحق عزوز».
وقد أسست أسرة زينل في الجزيرة العربية شركة عظيمة باسم « شركة الحاج عبدالله على رضا (6)وشركاه »، تتولى الأعمال الآتية : تجارة التوريدات والصادرات العمومية ، والقيام بأعمال المصارف ، وتوكيلات شركات البواخر والسيارات وإطارات السيارات ، ووكلاء شركة إستندارد الإنجليزية للتليفونات واللاسلكي ، ووكلاء شركة بروفيسال الإنجليزية للسيكورتاه ، ووكلاء شركة الطيران السوري.
ومدير عام الشركة « السيد على رضا » ،وقد عمل سكرتيرًا للوفود السعودية في المؤتمرات الدولية مدة طويلة ، وبرز يوم عمل سكرتيرًا لسمو الأمير فيصل عند ما ذهب على رأس الوفد السعودي في هيئة الأمم المتحدة ، فمنحه جلالة الملك لقب وزير مفوض تقديرًا وتشجيعًا لعمله.
والرئيس « الحاج يوسف زينل » شخصية ممتازة ،كما ينبغي أن يمتاز رجال الأعمال والمال المبرزون الذي يتحكمون في أسواق التجارة والمال العالمية.
ونائب الرئيس « محمد عبدالله بك علي رضا » شاب تعلم في إنجلترا ، وجاب أقطار العالم كلها ، وأهلته ثقة حكومات الدول الغربية إلى أن تسند إليه حكومتا بلجيكا وتشيكوسلوفاكيا منصب قنصلهما الفخري في جدة عهدًا طويلاً .
ويدير مكاتب الشركة بجدة « السيد أحمد يوسف زينل » ،وهو متخرج في كلية التجارة العليا في بومباي بالهند ، وشاب عامل يقتات من الجهد والتعب ملتذًا مستمرًئا الجهد والتعب.
وتساهم أسرة زينل في جميع الأعمال العامة والمشاريع الكبيرة والأعمال الخيرية بمالهم في جود وسخاء مشكورين مشهورين.
بيت الخريجي
منذ ثمانين عامًا مضت أسس « السيد عبدالكريم الخريجي » في المدينة المنورة شركة تجارية كبيرة ، أخذت تتضخم مشروعاتها وتتشعب مع مرور السنين. ومازال المحل الرئيسي في المدينة يديره أبناؤه السيد عبدالعزيز ، والسيد محمد الخريجي ، والسيد عبد الرحمن الخريجي . وفي جدة فرع آخر يديره السيدان عبدالله وسليمان الخريجي . ويتنقل الأخيران لأعمال الشركة ما بين جدة والقاهرة.
وأصل عائلة الخريجي من « بلدة عنيزة » في نجد ، وهي دوحة كريمة الأصل والفروع .
وتنحصر أعمال شركة الخريجي في التوريد والتصدير من جميع أنحاء العالم وإليه وفي كافة فروع الاتجار، وجميع أصناف المتاجر من أقمشة حريرية وصوفية وقطنية ، وكذلك الأغذية والأطعمة كما يتزعمون تجارة الجملة في جميع أنحاء الجزيرة العربية.
ولبيت الخريجي أثر دائم في الأعمال الخيرية في بلادهم ، كما أن لهم مكانتهم في جميع أسواق العالم التجارية . وقد عرف أهل هذا البيت جميعًا بالجد والمثابرة في أعمالهم ، والرجولة والصدق في تصرفاتهم ، مما جعلهم موضع رضا أسد الجزيرة وثقة وزيره معالي الشيخ عبدالله السليمان ، وجعل أعمالهم لا تقتصر على التجارة فحسب ، بل امتد نشاطها إلى كثير من المرافق المالية الأخرى في البلاد ، إذ يقومون بأعمال المصارف والتحويلات المالية، ومحلهم في المدينة علاوة على أعماله التجارية يقوم بعدة أعمال للحكومة، منها توفير المواد الغذائية للمنطقة الشمالية كلها.
السيد درويش كاتب
وهذا سعودي آخر قد ضرب في آفاق التجارة حتى خرج بها من السوق السعودي إلى السوق الدولي.
وهو يشترك مع أخيه السيد محمد سعيد قطب في تجارة واحدة . وأصلها من مكة . ولها أملاك في مكة وفي القاهرة ويقيمان في الجيزة . ويقضيان الصيف في أوروبا ،يتجولان في ربوعها للتعاقد مع شركاتها ومصانعها . ثم يعودان إلى القاهرة فيقضيان الشتاء ما بين القاهرة وجدة ومكة يباشران تجارتهما الواسعة .
والسيد درويش كاتب على جانب عظيم من الثقافة،ويجيد عدة لغات أجنبية ،فضلاً عن أنه يتحلى بأخلاق عالية وأدب ممتاز . وأول ما يلفت النظر فيه تواضعه والابتسامة المشرقة التي لا تفارق شفتيه أثناء الحديث . وعلى الرغم من الثقافة العالية التي يتمتع بها درويش كاتب فإنه محافظ على التقاليد الإسلامية العريقة.
وهو رجل متزن يتكلم بتؤدة وحساب ، يستمع إليك كثيرًا ويتكلم قليلاً .