صريحاً واضحاً حين ذكر في حديث له في رمضان الماضي أن من أسباب هذه الفعلة تأثر اولئك الشباب بأفكار جماعتي التبليغ والإخوان المسلمين. وإنك لتعجب من بعض الناس ، لما دافع الوزير عن الهيئة -وقد أحسن- أبرزوا كلامه وشكروه وأعادوه، وأما كلامه المتقدم في التحذير من الجماعات الدعوية الوافدة وبيانه لآثارها فيطوي عند أولئك ولا يروى : و{لا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وانتم تعلمون} .
5- ومن صور الإرهاب ما قامت به شرذمة ضالة ، وعصابة ملحدة استهدفت حرم الآمن، وقامت بزرع المتفجرات المدمرة في حج سنة تسع وأربعمائة وألف للهجرة وتم التفجير بالفعل عند بيت الله الحرام يوم السابع من شهر ذي الحجة من السنة المذكورة، فقتل وأصيب عدد من حجاج بيت الله الحرام، فكانت العاقبة حميدة ، فقبض على أولئك المجرمين ونفذ فيهم حكم رب العالمين.
6- ومن صور الإرهاب ما قام به صدام حسين وحزبه الهالك من غزو للكويت وحشد لقواته على حدود بلاد الحرمين ، وإرساله الصواريخ إلى قلب الرياض، فلا إله إلا الله كم من دم معصوم سفك ، وكم من عرض انتهك ، وكم من مال معصوم خرب واهلك، ولكن كانت العاقبة حميدة، فرد الله هذا الظلم على عقبيه وانتقم للمظلومين ، وسلم بلاد الحرمين.
7- ومن صور الإرهاب : ذلك التفجير الآثم الذي وقع بمدينة الرياض بحي العليا سنة ست عشرة وأربعمائة وألف، والذي أخاف وأفزع وروع الآمنين، ثم تفتت قلوب أهل هذه البلاد أسى وكمداً حينما علموا ان الجناة من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، لكنهم تتلمذوا على أشرطة ألهبت مشاعرهم وأوغرت صدورهم ضد بلادهم وعلمائهم وحكامهم ثم كانت العاقبة حميدة ومكن الله منهم.
8- ومن صور الإرهاب ذلك التفجير المروع في مدينة الخبر سنة سبع عشرة وأربعمائة وألف، فهو والله صورة مخيفة من صور الإرهاب الظالم أهله، وكان أشد ضرراً من سابقه الذي كان بمدينة الرياض لكثرة ما نتج عنه من قتل وإصابات في المسلمين والمستأمنين. وستكون العاقبة حميدة بإذن الله وسيعثر عليهم ويلقون جزاءهم ، لأن الله لا يصلح عمل المفسدين .
9- ومن صور الإرهاب والتطرف هذا التفجير الأخير بمدينة الرياض عاصمة بلاد التوحيد حرسها الله من كل سوء في يوم الاثنين الحادي عشر من شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وأربعمائة وألف ، فسفكت فيه دماء المعصومين من المسلمين والمستأمنين ، الله أكبر، ما ذنب أبنائنا الذين ازهقت أرواحهم في هذا التفجير الإرهابي الآثم، وبأي حق ترمل نسائهم ويفقدهم الولد والوالد، الله أكبر كم من أم مكلومة فقدت ابنها في هذا الحادث تدعو الله بالليل والنهار أن ينتقم لها من هؤلاء الظلمة، والله أعلم بما في قلب ذاك الأب من حسرات وهو يستلم جثة ابنه وقد تفحم واحترق، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " ويقول صلى الله عليه وسلم : " لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً " فاللهم انتقم لهؤلاء المؤمنين المظلومين ، اللهم اشف صدورهم ، اللهم أعظم اجورهم واغفر لموتاهم، واخلف لهم خيراً ، اللهم واكتب لموتانا أجر الشهداء واخلفهم في عقبهم وأصلح ذرياتهم من بعدهم، اللهم مكن جنود الاسلام ممن يسعى بالافساد وفي الارض اللهم افضحه واخذله وخذ بحق المظلومين منه ياذا الجلال والاكرام.
وإنك لتعجب كيف يقدم أولئك الشباب على هذه الجرائم المحرمة شرعاً ، وكيف يستبيحون دماءهم ودماء غيرهم ؟، ثم حلت المصيبة الأخرى وضاقت الصدور وازداد الناس غماً على غم لما ظهر أن من قام بهذه التفجيرات في بلاد الاسلام لا في بلاد الكفار هم من شبابنا ، فكيف يقع ذلك وصار حديث الناس في أسباب هذه الفعلة الشنيعة وكثر والله التلبيس والتضليل وتجهيل الأمة، بل والتبرير المغلف لهذه الأعمال الإرهابية الآثمة : فهل السبب المناهج الدراسية كلا ليست هي السبب ، لأن هؤلاء لا علاقة لهم بمناهجنا فإنهم ينفرون من التعليم النظامي وينفرون أتباعهم منه، ومناهجنا هي التي خرجت العالم والطبيب والسياسي الناصح. هل السبب البطالة كلا والله فهؤلاء يشككون في العمل في وظائف الدولة ويشتغلون بالتجارة ، وانك والله لتعجب من بعضهم كان يحث الشباب على ترك وظائف الدولة والاشتغال بالتجارة ليبقي حراً بزعمه ويقول دلوني على سوق المدينة. واليوم يزعم ان سبب التفجير فقدان أصحاب سوق المدينة للوظائف ؟ فأي تناقض هذا. وأي تلاعب بعقول الأتباع ؟ !
وهل السبب العلماء : هل السبب ابن باز وابن عثيمين والألباني وهيئة كبار العلماء ؟ لا أظن أن عاقلاً يحترم نفسه يقول ذلك ، ومن تفوه به فاكتبوه في سجل الأفاكين ، واحذروه فانه رجل سوء ولو كان فيه خير لشكر واعترف بفضل من علمه وفقهه، الله أكبر: سلم منك اليهود والنصارى ولم يسلم منك علماء السنة والتوحيد ، نعوذ بالله من الخذلان . ثم إن كان عندك رأي فاذهب إلى العلماء ليبينوا لك ويعلموك، أما أن تجرم علمائنا أمام العامة فهذا والله جناية على الشريعة وعلى العوام لأنهم إذا فقدوا الثقة بعلمائنا الربانيين فإلى أين يتجهون ومن يستفتون بعد ذلك وهل يرضى أولئك أن يتكلم في فقهاء الواقع ومشايخ الصحوة ورموز الإخوان المسلمين والتبليغ بهذه الطريقة أمام العامة مع ما فيها من تهكم واستعداء ومحاولة إسقاط لا أظنهم يرضون . وهل السبب كتب ابن تيمية لا والله فهو شيخ الاسلام حقاً والمجدد للدعوة السلفية وكتبه تعلن براءته من خوارج العصر الذين يتمسحون به ويحرفون كلامه ليوافق أهوائهم. وهل السبب دعوه الإمام المجدد (محمد بن عبدالوهاب) ومن معه من أئمة الدعوة السلفية بنجد، لا والله ، فإن آثارهم في البلاد والعباد حميدة . فدعوتهم سلفية نقية فيها العلم والحلم والسمع والطاعة ولزوم الجماعة ، ومن قرأ فتاويهم فيمن افتاتوا على الملك عبدالعزيز وأرادوا الجهاد دون إذنه يعلم أنهم في واد وجماعة التكفير في واد آخر، ولكنه التلبيس والتضليل. وهل السبب الدعوة السلفية المباركة، التي وصلت إلى الدنيا كلها، دعوة على منهاج النبوة وماكان عليه السلف الصالح . كلا والله ليست هي السبب لأنها تحذر من فكر هؤلاء الخوارج وتعلن البراءة منهم ويدل على ذلك عداء أصحاب هذا الفكر المتطرف للدعوة السلفية ومشايخها ، ووصفهم بالأوصاف المختلف للتنفير والتشويه: بازية ، عثيمينية، ألبانية، مرجفون في المدينة، إلى غير ذلك مما يطلقه الثوار على الدعوة السلفية دعوة الامام المجدد رحمه الله وغفر له. ومن تحايل هؤلاء الإرهابيين انهم قد يسمون أنفسهم بالجماعة السلفية للجهاد والهجرة ونحوذلك من الألقاب ، بقصد التضليل وتشويه صورة الدعوة السلفية . ولكن إذا رأيت أفعالهم وإرهابهم علمت براءة الدعوة السلفية منهم. وهل السبب الحكم بغير ما أنزل الله ، لا والله كذبوا ، فإن بلادنا ولله الحمد والمنة خير بلاد الدنيا في تطبيق شرع الله والحكم بما أنزل ، وتحقيق التوحيد ومحاربة الشرك والقبور التي تعبد من دون الله فلله الحمد والمنة ، ونعوذ به من كفران النعمة.
وهل السبب التضييق على الدعوة كما زعم بعض الحركيين في مقابلة له مع إحدى القنوات الفضائية : لا والله ، لقد كذب وافترى ، فإن الدعوة في بلادنا قائمة على قدم وساق ومكاتب الدعوة والجاليات ، والمحاضرات والندوات ، والدروس العلمية في كل مكان فماذا نريد بعد ذلك ؟ أما إيقاف من فيه شر وإفساد حماية للمجتمع من أفكاره فهذا من حق ولي الأمر كما يقول العلامة ابن باز ، بل قد يجب على ولي الأمر ذلك إن لم يندفع شره نصحاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم !والعجب أن هؤلاء أصبحوا ينادون بعد التفجيرات بالحوار ، فيقال أهلا وسهلا ، تعالوا نتحاور في فكر سيد قطب التكفيري الثوري وأثره على شباب بلاد الحرمين، ولنتحاور في فكر الخوارج الذين سرى إلى شبابنا، من الذين مهد له منذ حرب الخليج وما صاحبها من أشرطة استعداء للشباب على الدولة وتهييج . ولنتحاور في فكر الإخوان المسلمين الذي يصدق عليه أنه( لا يرد لامس بدعي) وفكر جماعة التبليغ الصوفي المفسد . هكذا فلنتحاور إن كنتم تريدون الحوار حقاً للوصول إلى الحق .
وهل السبب وجود المنكرات: والجواب أن يقال : إن المنكرات كانت في الدول الإسلامية من قبل : الأموية والعباسية وغيرهما ، فلم يكن ذلك مبرراً للإفساد وسفك الدماء والخروج على ولاة الأمر، بل الواجب الإصلاح والنصيحة بالتي هي أحسن، بل لقد وجد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم رجل زنا فرجم وهو ما عز رضي الله عنه، ثم الغامدية ورجمت رضي الله عنه ، وسرقت امرأة مخزومية فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها، وجيئ برجل قد شرب الخمر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بجلده وفي زمن النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وصلى عليه بقية الناس ، فعل ذلك زجراً وتأديباً فماذا تقولون بعد ذلك ؟.
وهل السبب أن العلماء أغلقوا أبوابهم في وجوه الشباب ولم تتسع صدورهم لهم لا وربي ما كان ذلك وما يكون إن شاء الله ، وبرهان ذلك بين لكل ذي عقل وعينين فبيوت العلماء ومجالسهم مفتوحة للصغير والكبير ، وطالب العلم وغيره ، ودار الإفتاء ولله الحمد تستقبل من أراد العلم والفتيا والرأي السديد ، وتأدب مع العلماء ، وأما الغوغائية فلا مكان لها عندهم ، وينبغي أن يكرم أهل العلم عن ذلك .
ألا فأعلموا أن دار الإفتاء : كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نصرة الدين وبيان الحق للخلق ، ومن يطعن في الأولى سلفه وشيخه من يطعن في الثانية ، فاحذروهم بارك الله فيكم ولا تفتحوا الباب للعلمانيين والجهال ، واحذروا أن يؤتى الإسلام من قبلكم ، فإن العلمانيين يفرحون بطعن الأغرار في علماء الإسلام , واعملوا أن الإمام أحمد يقول : لحوم العلماء مسمومة من شمها مرض ومن أكلها مات . وقال الناصحون : من تعدى على العلماء بالثلب ابتلاه الله بموت القلب .
ومن تحايل بعض الحزبيين الطاعنين في العلماء عبر القنوات الفضائية : زعمه أن ذلك من باب الصراحة والنقد والنصيحة فيقال له : نحن ننتظر منك إذاً : النصيحة والنقد لفقهاء الواقع ومشايخ الصحوة ودعاة الحزبية ورموز الإخوان المسلمين والتبليغ وصاحبهم محمد سرور ...إلخ حتى نعلم هل ذلك منك نصيحة للعلماء أم فضيحة . وزعم بعضهم أن السبب فقدان الشورى وليس هذا بشيء ، فإن الشورى عندنا لها مجلس يخصها يضم نخبة من أهل العلم والخبرة والمشورة .
وليعلم أن ولي الأمر له أن يفعل الأمر أحيانا دون مشورة فلا يجب عليه أن يشاور في كل أمر فإن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح ولم يخبر أحدا بوجهته سوى ابي بكر رضي الله عنه حتى يفاجأ كفار مكة ولم يستشر أحدا في ذلك ، صلوات الله وسلامه عليه ، ثم إذا شاور ولي الأمر فلا يلزمه قبول المشورة إن رأى الأصلح في غيرها . ففي غزوة بدر استشار النبي صلى الله عليه وسلم عمر في أسارى بدر فأشار عليه بقتلهم ، فلم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمشورته ، ولما عزم أبو بكر على قتال المرتدين أشار عليه عمر بترك قتالهم لهم فلم يأخذ أبو بكر بمشورة عمر الفاروق وقاتلهم وحصل من ذلك خير عظيم ودحر لأهل الباطل . وهل السبب أن هؤلاء الشباب اجتهدوا فأخطأوا ، هكذا .. أخطأوا ؟ فيقال : وهل هم من أهل الاجتهاد حتى يجتهدوا ، بل الواجب أن يتورعوا وأن يحذروا القول على الله بلا علم ، والجرأة على الفتيا في هذه الأمور العظام ، ثم يقال : وهل سفك الدم الحرام ( دماء المعصومين من المسلمين والمعاهدين ) هل هو محل اجتهاد ، وهل قتل رجال الأمن الموحدين في البلد الحرام مكة : هو أيضاً اجتهاد ؟ نعم .. إنه اجتهاد الجهال وفتوى المضللين! وأما الاعتذار لهم بصغر السن فيقال:إن النصوص دلت على أن القلم مرفوع عن الصبي حتى يبلغ وهؤلاء كلهم بالغون مكلفون ، ثم لو أنهم فعلوها وفجروا الأسواق والعمارات في مكة وغيرها لقال عنهم المفتونون إنهم أبطال كأسامة بن زيد الذي قاد الجيوش وهو دون العشرين.
فالحذر الحذر معاشر الإخوان ، فإن هذه الأسباب المدعاة تفتح الباب لدعاة الفتنة ، وتعطيهم المبرر لتكرار هذه الجرائم المروعة ، ولننظر في هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج لقد أمر بقتلهم وأخبر أنهم شر قتلى تحت أديم السماء ووصفهم بأنهم كلاب النار مع شدة عبادتهم
|