الأخت في الله بدويه : جزاك الله خير على ما ذكرت ، والأيام تمضي سراعا إلى مجهول وغيب لا نعلمه ، حيث يقول الله عز وجل في سورة لقمان (إن الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الأرحام و ما تدري نفس ما ذا تكسب غدا و ما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير ) متى الساعة ؟ الله أعلم ، متى ينزل المطر ؟ الله أعلم ، ماذا تحمل هذه المرأة في بطنها ؟ هل هو ذكر أم أنثى ؟ الله أعلم ، وماذا سنكسب غدا ؟ هل خير أم شر ؟ الله أعلم ، متى يهجم علينا ملك الموت ؟ الله أعلم ، كل إنسان فيه مادتان ، مادة خير ومادة شر ، فلنكتب الخير ما دمنا نستطيع كتابته ، ولا نكتب الشر لئلا نأخذ سيئات جميع الناس وتضاف إلى رصيدنا من السيئات ، والكلمة الطيبه صدقه وتبقى القلوب فلا يعلم ما في القلوب إلا فاطر السماوات والأرض قال تعالى في سورة غافر ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) وقال تعالى في سورة البقرة ( وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) وقال تعالى في سورة الأنعام ( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) هناك في الغيب أمور كثيره تجري لا يعلمها إلا الله جبار السماوات والأرض ، هناك أمراض تختطف الناس من حولنا ، ولا تصيبنا ألا نقول الحمد لله الذي عافنا مما ابتلى به كثيرا من خلقه وفضلنا على خلقه تفضيلا ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
جولة في مستشفى المجانين قصة منقوله للفائدة يرويها الشيخ الدكتور محمد بن عبد الرحمن العريفي يقول فيها: كنت في رحلة إلى أحد البلدان لإلقاء عدد من المحاضرات كان ذلك البلد مشهوراً بوجود مستشفى كبير للأمراض العقلية أو كما يسميه الناس مستشفى المجانين ألقيت محاضرتين صباحاً وخرجت وقد بقي على أذان الظهر ساعة كان معي عبد العزيز ، رجل من أبرز الدعاة التفت إليه ونحن في السيارة قلت : عبد العزيز هناك مكان أود أن أذهب إليه ما دام في الوقت متسع قال : أين ؟ صاحبك الشيخ عبد الله ، مسافر والدكتور أحمد اتصلت به ولم يجب أو تريد أن نمر المكتبة التراثية أو قلت : كلا بل : مستشفى الأمراض العقلية قال : المجانين ، قلت : المجانين ، فضحك وقال مازحاً : لماذا تريد أن تتأكد من عقلك قلت : لا ولكن نستفيد نعتبر نعرف نعمة الله علينا
سكت عبد العزيز يفكر في حالهم شعرت أنه حزين كان عبد العزيز عاطفياً أكثر من اللازم أخذني بسيارته إلى هناك أقبلنا على مبنى كالمغارة لأشجار تحيط به من كل جانب كانت الكآبة ظاهرة عليه قابلنا أحد الأطباء فرحب بنا ، ثم أخذنا في جولة في المستشفى وأخذ الطبيب يحدثنا عن مآسيهم ثم قال : وليس الخبر كالمعاينة دلف بنا إلى أحد الممرات سمعت أصواتاً هنا وهناك كانت غرف المرضى موزعة على جانبي الممر مررنا بغرفة عن يميننا نظرت داخلها فإذا أكثر من عشرة أسرة فارغة إلا واحداً منها قد انبطح عليه رجل ينتفض بيديه ورجليه التفتُّ إلى الطبيب وسألته : ما هذا ؟ قال : هذا مجنون ويصاب بنوبات صرع تصيبه كل خمس أو ست ساعات قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله منذ متى وهو على هذا الحال ؟ قال : منذ أكثر من عشر سنوات كتمت عبرة في نفسي ومضيت ساكتاً بعد خطوات مشيناها مررنا على غرفة أخرى بابها مغلق وفي الباب فتحة يطل من خلالها رجل من الغرفة ويشير لنا إشارات غير مفهومة حاولت أن أسرق النظر داخل الغرفة فإذا جدرانها وأرضها باللون البني سألت الطبيب : ما هذا ؟ قال : مجنون شعرت أنه يسخر من سؤالي فقلت : أدري أنه مجنون لو كان عاقلاً لما رأيناه هنا لكن ما قصته ؟ فقال : هذا الرجل إذا رأى جداراً ثار وأقبل يضربه بيده وتارة يضربه برجله وأحياناً برأسه فيوماً تتكسر أصابعه ويوماً تكسر رجله ويوماً يشج رأسه ويوماً ولم نستطع علاجه فحبسناه في غرفة كما ترى جدرانها وأرضها مبطنة بالإسفنج فيضرب كما يشاء ثم سكت الطبيب ومضى أمامنا ماشياً أما أنا وصاحبي عبد العزيز فظللنا واقفين نتمتم : الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاك به ثم مضينا نسير بين غرف المرضى ،،،،،،،،،،،
حتى مررنا على غرفة ليس فيها أسرة وإنما فيها أكثر من ثلاثين رجلاً كل واحد منهم على حال هذا يؤذن وهذا يغني وهذا يتلفت وهذا يرقص وإذا من بينهم ثلاثة قد أُجلسوا على كراسي وربطت أيديهم وأرجلهم وهم يتلفتون حولهم ويحاولون التفلت فلا يستطيعون تعجبت وسألت الطبيب : ما هؤلاء ؟ ولماذا ربطتموهم دون الباقين ؟ فقال : هؤلاء إذا رأوا شيئاً أمامهم اعتدوا عليه يكسرون النوافذ والمكيفات والأبواب لذلك نحن نربطهم على هذا الحال من الصباح إلى المساء قلت وأنا أدافع عبرتي : منذ متى وهم على هذا الحال ؟ قال :هذا منذ عشر سنوات ،
وهذا منذ سبع وهذا جديد لم يمض له إلا خمس سنين خرجت من غرفتهم وأنا أتفكر في حالهم وأحمد الله الذي عافاني مما ابتلاهم سألته : أين باب الخروج من المستشفى ؟ قال : بقي غرفة واحدة لعل فيها عبرة جديدة تعال وأخذ بيدي إلى غرفة كبيرة فتح الباب ودخل وجرني معه كان ما في الغرفة شبيهاً بما رأيته في غرفة سابقة مجموعة من المرضى كل منهم على حال راقص ونائم و وعجباً ماذا أرى ؟ رجل جاوز عمره الخمسين اشتعل رأسه شيباً وجلس على الأرض القرفصاء قد جمع جسمه بعضه على بعض ينظر إلينا بعينين زائغتين يتلفت بفزع
كل هذا طبيعي لكن الشيء الغريب الذي جعلني أفزع بل أثور هو أن الرجل كان عارياً تماماً ليس عليه من اللباس ولا ما يستر العورة المغلظة تغير وجهي وامتقع لوني والتفت إلى الطبيب فوراً فلما رأى حمرة عيني قال لي هدئ من غضبك سأشرح لك حاله هذا الرجل كلما ألبسناه ثوباً عضه بأسنانه وقطعه وحاول بلعه وقد نلبسه في اليوم الواحد أكثر من عشرة ثياب وكلها على مثل هذا الحال فتركناه هكذا صيفاً وشتاءً والذين حوله مجانين لا يعقلون حاله خرجت من هذه الغرفة ولم أستطع أن أتحمل أكثر قلت للطبيب : دلني على الباب للخروج قال : بقي بعض الأقسام قلت : يكفي ما رأيناه مشى الطبيب ومشيت بجانبه وجعل يمر في طريقه بغرف المرضى ونحن ساكتان وفجأة التفت إليّ وكأنه تذكر شيئاً نسيه وقال : يا شيخ هنا رجل من كبار التجار يملك مئات الملايين أصابه لوثة عقلية فأتى به أولاده وألقوه هنا منذ سنتين وهنا رجل آخر كان مهندساً في شركة وثالث كان
ومضى الطبيب يحدثني بأقوام ذلوا بعد عز وآخرين افتقروا بعد غنى وأخذت أمشي بين غرف المرضى متفكراً سبحان من قسم الأرزاق بين عباده يعطي من يشاء ويمنع من يشاء قد يرزق الرجل مالاً وحسباً ونسباً ومنصباً لكنه يأخذ منه العقل فتجده من أكثر الناس مالاً وأقواهم جسداً لكنه مسجون في مستشفى المجانين وقد يرزق آخر حسباً رفيعاً ومالاً وفيراً وعقلاً كبيراً لكنه يسلب منه الصحة فتجده مقعداً على سريره عشرين أو ثلاثين سنة ، ما أغنى عنه ماله وحسبه ومن الناس من يؤتيه الله صحة وقوة وعقلاً لكنه يمنعه المال فتراه يشتغل حمال أمتعة في سوق أو تراه معدماً فقيراً يتنقل بين الحرف المتواضعة لا يكاد يجد ما يسد به رمقه ومن الناس من يؤتيه ويحرمه وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة فكان حرياً بكل مبتلى أن يعرف هدايا الله إليه قبل أن يعد مصائبه عليه فإن حرمك المال فقد أعطاك الصحة وإن حرمك منها فقد أعطاك العقل فإن فاتك فقد أعطاك الإسلام هنيئاً لك أن تعيش عليه وتموت عليه ، فقل بملء فيك الآن بأعلى صوتك : الحمد لله ( انتهت القصة ونقلت للفائدة
القصد هو أن نحمد الله تعالى على ما من به علينا من الصحة والعافية فهذه نعمة لا تقدر بثمن وكذلك هناك الفقر والغنى ونعمة المال والولد والزوجه ، ومن رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته ولله الحمد والفضل والمنة فالكثير من نعم الله تعالى أعطاها لأناس وحرم منها أناس كثيرون والكثير من المصائب أصابت غيرنا ونجانا الله منها ، فهذه نعمه يجب شكر الله وحمده وثناءه عليها هو الله الذي له الفضل ، قال تعالى في سورة إبراهيم ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ) أخيرا الأخت في الله بدويه جزاك الله خير على هذا الموضوع المهم لأن الأيام تمشي قدما وسراعا ، ولك فائق الاحترام والتقدير ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،المـوج الجندبي
|