يعتبر التنافس بين الأفراد والجماعات والمجتمعات من العوامل التي تثير عملية الإقتداء والتأسي،لأن التنافس السوي يكون مبنياً على الرغبة في التماثل،والتسابق،دون أن يوافق ذلك رغبة في زوال ما عند الآخرين،وإلا تحول إلى حسد بغيض،مرفوض شرعاً وطبقاً،ومن هنا ينشأ التقليد الفردي والجماعي.والمتأمل في أحوال الناس يجد أن أوجه التقليد التنافسي يظهر في جانب الزعامات والقيادات،ويظهر بين طلاب العلم،وكذلك في جانب المصالح والمكاسب المادية،فتجد أهل الصفة الواحدة يتنافسون فيما بينهم في عمليات التسويق وجذب المشترين،وعلى مستوى المجتمعات ما يحدث من تطور صناعي وتقني حيث تجد أن الدافع وراء ذلك هو عامل التنافس،فكل بيئة اجتماعية ترغب في أن ت حقق قدم السبق في جانب معين أو في عدة جوانب،وبالتالي تبدأ المجتمعات الأخرى تدخل هذا المعترك التنافسي اقتداء بما يحدث في ساحة المجتمع.وخير التنافس ما قرب العبد من ربه عز وجل،وقرب الأمة من طاعة الله تعالى وهذا ما يسمى بالغبطة،وهي رغبة في النفس أن يكون لها مثل ما لغيرها،وهي ممدوحة أيضا،لأنها تنتهي غالباً بالمنافسة إذا صحبتها العزيمة،وحب العمل[1].قال ابن تيمية عن الغبطة: أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيجب أن يكون مثله أو أفضل منه،فهذا حسد،وهو الذي سموه الغبطة[2]).وقال ابن حجر: هي أن يتمنى أن يكون له مثل ما لغيره من غير أن يزول عنه،والحرص على هذا يسمى منافسة فإن كان في الطاعة فهو محمود،ومنه (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) وإن كان في المعصية فهو مذموم ومنه،(ولا تنافسوا) وإن كان في الجائزات فهو مباح[3].
د/احمد صالح زارب


[1] [ محمد احمد جاد المولى،الخلق الكامل (1/166)]

[2][ابن تيمية ،الفتاوى (10/112)]

[3][ ابن حجر ،فتح الباري (1/167)]